الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص283
قال الماوردي : هذا المتاع في شوارع الأسواق يكون لها حرزاً على ستة شروط :
أحدها : أن يكون من الأمتعة الجافة التي لا تستثقل باليد ، فإن كانت من خفيفها الذي يتناول باليد من غير كلفة ولا مشقة كالثوب والإناء لم يكن ذلك حرزاً لها .
والثاني : أن يضم بعضه إلى بعض حتى يجتمع ولا يفترق ، فإنه إذا اجتمع حفظ بعضه بعضاً ، فإن افترق لم يكن حرزاً .
والثالث : أن يدرأ عليه حبل يشد به جميعه إن كان خشباً حتى لا يمكن أخذ شيء منه إلا بحل الحبل ، ويخاط في أعدال إن كان حنطة أو دقيقاً حتى لا يوصل إليه إلا بفتق خياطته وحل أعداله ، فإن كان بخلاف ذلك لم يكن حرزاً .
والرابع : أن يكون في سوق تغلق دروبها ، أو في قرية يقل أهلها ، فإن كان في بلد واسع وليس عليه دروب لم يكن حرزاً .
والخامس : أن يكون الموضع أنيساً إما بمساكن فيها أهلها أو بحارس يكون مراعياً لها ، فإن انقطعت عنه أنسة الناس لم يكن حرزاً .
والسادس : أن يكون الوقت ساكناً والفساد قليلاً ، فإن تحركت فتنة أو انتشر فساد لم يكن حرزاً ، فهذا أول نوع ذكره الشافعي من الأحراز ، والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا نوع ثان من الأحراز ، لأنها في السير في الأسفار مخالفة لها في المقام والأمصار ، فإذا قطرت الإبل سائرة وعليها الحمولة كان للرجل الواحد في القطار حرزاً لما رآه منها وقدر على زجرها في مسيرها ، فيصير بهذين الشرطين الرؤية والزجر حرزاً دون إحداهما ، والأغلب أنه يكون في ثلاثة من الإبل ، فإن تجاوزت إلى أربعة وغايته خمسة إن كان في الجمال فضل جلد وشهامة سواء كان قائداً أو سائقا وقال أبو حنيفة : إن كان سائقاً كان حرزاً لها ، وإن كان قائداً كان حرزاً للأول الذي يقوده دون غيره ، وهذا خطأ من وجهين :
أحدهما : أن ما يقدر عليه السائق يقدر عليه القائد .
والثاني : أن بعد الأخير من القائد كبعد الأول من السائق ، ولم يمنع أن يكون