الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص269
وروى هشام بن عروة عن أبيه أن الزبير شفع في سارق فقيل له : حتى يبلغه الإمام فقال : إذا بلغ الإمام فلعن الله الشافع والمشفع كما قال رسول الله ( ص ) .
وروي أن معاوية بن أبي سفيان أتى بلصوص فقطعهم حتى بقي واحد منهم فقدم ليقطع فقال :
فقال معاوية : كيف أصنع بك ، وقد قطعت أصحابك ، فقالت أم السارق : يا أمير المؤمنين اجعلها من ذنوبك التي تتوب منها ، فخلى سبيله فكان أول حد يترك في الإسلام .
فإذا ثبت ما ذكرناه من قطع السارق فوجوبه معتبر بشرطين : الحرز ، والقدر ، فأما الحرز فيأتي وأما القدر فقد اختلف في اعتباره فذهب داود وأهل الظاهر وأبو عبد الرحمن الشافعي والخوارج إلى أنه غير معتبر ، وانه يقطع في القليل والكثير .
وبه قال من الصحابة عبد الله بن الزبير .
ومن التابعين سعيد بن المسيب والزهري ؛ لعموم قول الله تعالى : ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) [ المائدة : 38 ] .
ولقول النبي ( ص ) : ‘ لعن الله السارق يسرق الحبل فتقطع يده ويسرق البيضة فتقطع يده ) .
وذهب جمهور الفقهاء إلى اعتبار القدر في وجوب القطع ، واختلفوا فيه على مذاهب شتى ، فذهب الشافعي إلى أنه مقدر بربع دينار فصاعداً يقطع فيه ولا يقطع فيما نقص منه ، فإن كان المسروق دراهم أو متاعاً قوم بالذهب ، وقال عثمان البتي : يقطع في درهم واحد فصاعداً ، لأنه أول معدود منها .