الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص262
جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء ) فجعل التعريض مخالفاً للتصريح فلا يحد إلا بقذف صريح ) .
قال الماوردي : وقد مضت هذه المسألة في كتاب ‘ اللعان ) والتعريض كنايات القذف فلا يكون قذفاً إلا بالإرادة ، وبه قال أبو حنيفة .
وقال مالك وأحمد ، وإسحاق : المعاريض قذف في الغضب دون الرضا كقوله : أنا ما زنيت ، أو يا حلال ابن الحلال ، إلى ما أشبه ذلك ، وقد قدمنا من الدلائل ما كفى ، وإذا سقط الحد فيها نظر إلى مجردها فإن تجردت عن أسباب الأذى فلا تعزير فيها ، وإن اقترنت بالأذى والسبب عزر فيها ، فأما ما كان ظاهره الفحش والسب كقوله : يا فاسق ، أو يا فاجر فهو أبلغ من التصريح ؛ لأنه سب في الرضا والغضب فيعزر به في الأحوال إلا أن يريد به القذف فيحد ، فأما إذا قال : يا عاهر ، فقد ذكرنا فيه وجهين :
أحدهما : يكون قذفاً صريحاً لقوله ( ص ) ‘ وللعاهر الحجر ) .
والوجه الثاني : يكون كناية إن أراد به القذف حد وإن لم يرده عزر ، فإن أراد بهذه المعاريض والكنايات القذف حد لها ، وإن أنكر إرادة القذف أحلف لها .
وقال أبو حنيفة : لا يحد لها ولا يحلف عليها ولا تسمع الدعوى فيها احتجاجاً بأمرين :
أحدهما : أن الكناية تقوم مقام الصريح ، والحد إنما يجب بالقذف ، ولا يجب بما قام مقام القذف .
والثاني : أنه إذا لم يكن لفظ الكناية قذفاً صار بالنية قاذفاً ، ونية القذف لا توجب الحد ودليلنا شيئان :
أحدهما : أن حد القذف من حقوق الآدميين عندنا ومن حقوق الله تعالى عنده ، والعتق والطلاق يجمعان حقوق الله وحقوق الآدميين ، ثم كان الكناية فيهما مع النية كالصريح ؛ لأن الشهادة فيها غير معتبرة بخلاف النكاح ، فوجب أن يكون القذف في اختصاصه بأحد الحقين ملحقاً بما جمع الحقين .
والثاني : أن كل لفظ احتمل معنيين مختلفي الحكم فقصده لأحدهما موجب لحمله عليه كقوله تعالى : ( يوسف أعرض عن هذا ) [ يوسف : 29 ] أن قصد به القرآن حرم في الجناية ولم يبط ل به الصلاة وإن لم يقصد به القرآن لم يحرم في الجناية وبطلت به الصلاة فأما الجواب أنه مثل القذف فمن وجهين :