پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص259

( مسألة )

قال الشافعي : ‘ فإن قال يا بن الزانيين وكان أبواه حرين مسلمين ميتين فعليه حدان ) .

قال الماوردي : وأصل هذه المسألة أن حد القذف من حقوق الآدميين المحضة عندنا .

وقال أبو حنيفة : هي من حقوق الله المحضة وتأثير هذا الخلاف حكمان :

أحدهما : أنه يسقط بالعفو عند الشافعي ولا يسقط به عند أبي حنيفة .

والثاني : أنه يورث بالموت عند الشافعي ولا يورث عند أبي حنيفة .

وقد دللنا على أنه من حقوق الآدميين في كتاب اللعان فأغنى عن إعادته .

ولو قذف ميتة استحق ولدها حد قاذفها عند الشافعي وأبي حنيفة ، فوافق أبو حنيفة إذا قذفها بعد موتها ، وخالف إذا قذفها في حياتها ثم ماتت ، ووفاقه حجة عليه في موضع خلافه .

وفرق أبو حنيفة بينهما من وجهين :

أحدهما : أن الميت لا يثبت له حق بعد موته فصار الحد حقاً لولدها دونها فلم يكن موروثا عنها ، وهذا فاسد ؛ لأنه يراعي في وجوب الحد إحصان الأم دون الولد ، ولو كان له لراعينا إحصانه دون الأم ، ولا يمتنع أن يجب لها بعد موتها حد القذف كما وجب عليها بعد موتها غرم ما تلف بجنايتها من حفر بئر ووضع حجر .

والثاني : أن حال الأم يقدح في نسب الابن ، فوجب له ابتداء من غير إرث ، وهذا خطأ من وجهين :

أحدهما : أنه لو قذف أبوه بالزنا بغير أمه ، أو قذفت أمه بالزنا بعد ولادته وكبره لم يكن هذا قادحاً في نسبه ، ويملك الحد فيها فبطل التعليل بقدح النسب .

والثاني : أنه لو وجب الحد بهذه العلة لاستحقه في حياة أمه وهو لا يستحقه ، فبطل الاعتلال به ، ولم يبق لاستحقاقه علة إلا الميراث .

( فصل )

فإذا ثبت أنه موروث فصورة مسألتنا في رجل قال لرجل : يا ابن الزانيين ، فهذا قاذف لأبويه دونه ، فإن كان أبواه ، حيين فهما المطالبان بحد قذفهما دونه ، فإن عفوا صح عفوهما ولا حق للولد في حد قاذفهما وإن كانا ميتين فهو ميراث للولد عنهما وهو المستحق للمطالبة بحد قذفهما ، وهو قذف اثنين بكلمة واحدة فيكون فيما يستحق به قولان :

أحدهما : وهو القديم حد واحد ؛ لأنه قذف بكلمة واحدة .