الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص256
العفة لعدم شرط الإحصان وكذلك قذف العبد للعبد .
وأما الجواب عن حده بالزنا فلأن حد الزنا عليه وحد القذف له ونقصه مؤثر في الحق الذي له ، وإن لم يؤثر في الحق الذي عليه ، كالقصاص لا يستحقه على الحر ، ويستحقه عليه الحر .
وهكذا لو كان المقذوف مدبراً أو مكاتباً أو من رق بعضه وإن قل فلا حد على قاذفه ، سواء ساواه في الرق أو فضل عليه بالحرية ، لكن يعزر للأذى وإن كان المقذوف كافراً فلا حد على قاذفه ، سواء كان مسلماً أو كافراً ؛ لما ذكرنا من عدم شرط الإحصان فيه ، ولأنه لما لم يأخذ نفس المسلم بنفس الكافر لم يؤخذ عرضه بعرضه ، وهكذا لو كان المقذوف غير عفيف فلا حد على قاذفه وسنذكر ما تسقط به العفة من بعد .
وقال داود : يحد ثمانين حداً كاملاً كالحر وهو قول عمر بن عبد العزيز ، والزهري تعلقاً بظاهر قوله تعالى : ( فاجلدوهم ثمانين جلدة ) [ النور : 4 ] وهذا غير صحيح ؛ لأن فعل الزنا أغلظ من القذف به ، وهو لا يساوي الحر في حد الزنا ، فكان أولى أن لا يساويه في حد القذف بالزنا .
روي عن عامر بن عبد الله بن ربيعة أنه قال : أدركت أبا بكر وعمر ومن بعدهما من الخلفاء فلم أرهم يضربون المملوك في القذف إلا أربعين فكان إجماعاً . فأما الآية فواردة في الأحرار ، لأنه منع فيها من قبول شهادتهم لقذفهم ، والعبد لا تسمع شهادته قاذفاً أو غير قاذف ، فإن كان القاذف كافراً حد حداً كاملاً ؛ لأنه ينقص عن المسلم في الحق الذي له ، ولا ينقص عنه في الحق الذي عليه والله أعلم .
قال الماوردي : قذف الواحد للجماعة ضربان :
أحدهما : أن يفرد كل واحد منهم بالقذف فيقذفه بكلمة مفردة فلا تتداخل حدودهم ، ويحد لكل واحد منهم حداً مفرداً .