الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص250
قال الماوردي : وهذا الباب يشتمل على مسألتين قد مضتا :
إحداهما : في أهل الذمة هل تلزمهم أحكامنا أم لا ؟ .
والثانية : هل الإسلام شرط في إحصان الزنا أم لا ؟ .
فأما المسألة الأول في جريان أحكامنا عليهم ، فإن كانوا أهل عهد ولم يكونوا أهل ذمة فحاكمنا إذا تحاكموا إليه مخير بين أن يحكم بينهم وبين أن لا يحكم ، وهو إذا استعدوا إليه مخير بين أن يعدي عليهم أو لا يعدي ، فإن أعدى وحكم كانوا مخيرين بين التزام حكمه وبين رده وسواء كان ذلك في حقوق الآدميين أو في حقوق الله تعالى ، وأصل هذا قوله تعالى : ( فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم ) [ المائدة : 42 ] ولأن موجب العهد الذي بيننا وبينهم أن يأمنونا ونأمنهم فلم ينفذ حكم الأمان إلى غيره ، إلا أن يشترط الإمام عليهم في عهد الأمان لهم أن يلتزموا أحكامنا فتلزمهم بالشرط المعقود عليهم ، فلو دخل معاهد إلى دار الإسلام بأمان فزنا بمسلمة مطاوعة ، فإن شرط في أمانه التزام حكمنا حددناهما ، وإن لم يشترط ذلك في أمانه حددنا المسلمة دون المعاهد ، وكذلك المعاهدة إذا دخلت دار الإسلام بأمان فزنا بها مسلم حد المسلم ولم تحد المعاهدة إلا أن يشترط في أمانها التزام حكمنا فتحد .