پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص248

السيد من أهل العلم بالحدود منع من إقامتها ؛ لأنه لا يعلم وجوبها حتى يرجع فيها إلى من يجوز له العمل بقوله فإن رجع إلى حاكم جاز أن يعمل على قوله فيما حكم به من وجوب إسقاطه ، ويقوم باستيفاء ما حكم الحاكم بوجوبه ، وليس للإمام نقضه وإن رجع فيه إلى استيفاء وفيه نظر ، فإن كان الحد متفقاً على وجوبه كان للسيد أن يستوفيه بقول من أفتاه ، وإن كان مختلفاً فيه ففي جواز استيفاء السيد له بفتياه وجهان :

أحدهما : لا يجوز ؛ لأن المختلف فيه لا يتعين إلا بحكم حاكم .

والوجه الثاني : يجوز ، لأن تصرف السيد في عبده أقوى من تصرف الحاكم إلا أن يحكم الحاكم بسقوطه فيمنع .

( فصل )

وأما الفصل الثاني وهو ما يملكه السيد من إقامة الحدود فهو ما كان جلداً إما في زنا ، أو قذف ، أو شرب خمر ، لأنه يملك تأديبه بالجلد في حق نفسه ، وهل يملك من حده ما تعلق بإراقة الدماء من قطعه في السرقة وقتله بالردة أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : لا يملك ؛ لأنه لا يملك مثله في حق نفسه فلا يقطعه إذا سرق ولا يقتله إذا ارتد ، ويكون الإمام أحق بقطعه وقتله .

والوجه الثاني : أنه يملك من حدود الدماء مثل ما يملكه من حدود الجلد لأمرين :

أحدهما : أنه قد يملك مثله منه في حق نفسه كالجناية وقطع السلعة .

والثاني : أن العلة في إقامة الحدود عليه ملك الرقبة دون ما يستحقه من التأديب ؛ لأن الزوج يستحق تأديب زوجته في النشوز ، والأب يستحق تأديب ولده في الاستصلاح ، ولا يستحق واحد منهما إقامة الحدود .

وروى نافع أن ابن عمر قطع عبداً له سرق .

وروي أن عائشة قطعت أمة لها سرقت ، وقتلت حفصة جارية لها سحرتها .

فأما التغريب إذا قيل بوجوبه في العبد والأمة إذا زنيا ففي استحقاق السيد له وتفرده به وجهان :

أحدهما : يستحقه السيد لأمرين :

أحدهما : لأنه أحد الحدين كالجلد .

والثاني : لأنه يملك تغريبه في غير الزنا فكان بتغريب الزنا أحق .

والوجه الثاني : أنه لا يستحقه لأمرين :