الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص244
أحدهما : وبه قال مالك وأحمد بن حنبل لا تغريب فيه ؛ لأن رسول الله ( ص ) قال : ‘ إذا زنت الأمة فاجلدوها ) ولم يأمر بتغريبها ، لأن التغريب موضوع للحوق المعرة وإدخال المشقة ، ولا معرة فيه على العبد والأمة ، ولا مشقة تلحقها في الغربة ؛ لأنهما مع العبد أرفه .
والقول الثاني : أن التغريب واجب لقوله تعالى : ( فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ) [ النساء : 25 ] فكان على عمومه .
وروى نافع عن ابن عمر أن أمة له زنت فجلدها ونفاها إلى فدك ، ولأن كل من جلد في الزنا غرب كالحر ، ولأنه حد يتبعض فوجب أن يستحق في العبد والأمة كالجلد ، وفيه وجه ثالث لبعض أصحابنا : أنه إن تولى الإمام جلدها غربها ، وإن تولاه السيد لم يغربها ، وفرق ما بينهما من وجهين :
أحدهما : نفوذ أمر الإمام في جميع البلاد دون السيد .
والثاني : لاتساع بيت المال لنفقة التغريب دون السيد ، فإذا قيل بوجوب التغريب ففي قدره قولان :
أحدهما : أنه تغريب عام كالحر ، قاله في القديم ؛ لأن ما قدر بالحول استوى فيه الحر والعبد كالحول في أجل العنة .
والقول الثاني : أنه تغريب نصف عام قاله في الجديد ، وهو معنى قوله ها هنا : ‘ استخير الله في نفيه نصف سنة ) وإنما كان كذلك ، لأنه حد يتبعض فوجب أن يكون على النصف من الحر كالجلد ، وخالف أجل العنة ؛ لأنه مضروب لظهور عيب يعلم بتغيير الفصول الأربعة فيستوي فيه الحر وخالفه في مدة التغريب .
قال الماوردي : وهذا كما قال : يجوز للسيد إقامة الحدود على عبيده وإمائه وهو قول الأكثرين ، وقال أبو حنيفة : لا يجوز للسيد أن يتولاه والإمام أحق بإقامته .
وقال مالك : لا يجوز أن يتولى السيد حد أمته إذا كانت ذات زوج ويجوز أن يتولاه في العبد والأمة غير ذات الزوج .
واستدلوا بأنه من حدود الله تعالى فوجب أن يكون الأئمة أحق بإقامته قياساً على حد الحر ، ولأن من لا يملك إقامة الحد على الحر لم يملك إقامته على العبد كالصغير