الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص243
والثانية : لا حد عليها ؛ لأنه حمل قوله تعالى : ( فإذا أحصن ) [ النساء : 25 ٍ ] أي تزوجن ( فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ) [ النساء : 25 ] وأمسك عن ذكرهن إذا لم يتزوجن ، فاحتمل أن يكمل عليها الحد ، واحتمل أن لا يجب عليها حد فلذلك ما اختلفت الرواية عنه .
ودليلنا على وجوب نصف الحد على العبد والأمة فيمن تزوج أو لم يتزوج ، قول الله تعالى : ( فإذا أحصن ) فيه قراءتان .
إحداهما : بالضم ، ومعناه تزوجن ، قاله ابن عباس .
والثانية : بالفتح ومعناه أسلمن قاله ابن مسعود .
( فإن أتين بفاحشة ) يعني الزنا ( فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ) يعني : نصف حد الحرة ، فذكر إحصانهن في تنصيف الحد لينبه بأن تنصيفه في غير الإحصان أولى وإن لم يكن مع ثبوت الرق إحصان .
وروى الشافعي عن مالك عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني أن رسول الله ( ص ) سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن فقال : ‘ إن زنت فاجلدوها ، ثم إن زنت فاجلدوها ، ثم إن زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو بضفير ) .
قال الزهري : لا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة والضفير : الحبل .
وروى الزهري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جلد ولائد أبكاراً من ولائد الإمارة في الزنا ، ولأن حد الزنا موضوع على المفاضلة ؛ لأن الحر مفضل فيه على العبد والثيب مفضل فيه على البكر وقال تعالى : ( يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين ) [ الأحزاب : 30 ] لفضلهن على من سواهن ، فلم يجز من نقص العبد أن يساوي الحر في حده ، ولم يجز إسقاط حده ؛ لئلا تضاع حدود الله تعالى فوجب تنصيفها في الأحوال كلها ، ويقال لداود لما وجب على الأمة نصف الجلد ولم يكن لتنصيفه سبب سوى الرق وجب أن يتنصف في العبد لأجل الرق وهذا من فحوى الخطاب .
فإذا ثبت أن حدها على النصف فهو خمسون جلدة ، واختلف قول الشافعي في وجوب التغريب فيه على قولين :