الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص241
الواحد ، وليس بمستحيل في حق الاثنين ، كما لم يستحل أن يجب الحد على الواطئ ويسقط الحد عن الموطوءة .
وجملته أن الذي يختص بالرجل ثلاثة أحكام الحد ، والمهر ، والنسب .
وأما النسب : فيعتبر به شبهة الواطئ دون الموطوءة ، فإن كانت له شبهة لحق به وإن لم يكن له شبهة لم يلحق به .
واما المهر : فيعتبر به شبهة الموطوءة دون الواطئ ، فإن كان لها شبهة وجب لها ، وإن لم يكن لها شبهة لم يجب .
وأما الحد فيعتبر به شبهة كل واحد منهما ، فإن كانت لهما شبهة سقط الحد عنهما ، وإن لم يكن لها شبهة وجب الحد عليها ، وإن كانت لأحدهما شبهة دون الآخر وجب على من انتفت عنه الشبهة وسقط عمن لحقت به الشبهة .
وذهب بعض أصحابه إلى وجوب الحد عليه ؛ لأن الوطء لا يكون إلا مع الانتشار الحادث عن الشهوة ، وحدوث الشهوة يكون عن الاختيار دون الإكراه .
وقال أبو حنيفة : إن أكرهه السلطان على الزنا فلا حد عليه ، وإن أكرهه غير السلطان حد ؛ استدلالا بأن إكراه السلطان فسق يخرج به من الإمامة فيصير الوقت خالياً من إمام كزمان الفترة ، ويصير عنده كدار الحرب التي لا يجب على الزاني فيها حد عنده ، وكلا الأمرين فاسداً .
والدليل عليهم قول النبي ( ص ) : ‘ ادرؤوا الحدود بالشبهات ) والإكراه من أعظم الشبهات ، ولأنه إكراه على الزنا فوجب أن يسقط به الحد كإكراه المرأة ، ولأن كل ما سقط فيه الحد ، أو أكرهت عليه المرأة سقط فيه الحد إذا أكره عليه الرجل كالسرقة وشرب الخمر .
فأما الجواب عن الاستدلال بحدوث الانتشار عن الشهوة فهو : أن الشهوة مركوزة في الطباع لا يمكن دفعها ، وإنما يمكن دفع النفس عن الانقياد لها لدين أو تقية ، فصار الإكراه على الفعل لا على الشهوة ، والحد إنما يجب في الفعل دون الشهوة .
وأما الجواب عن استدلال أبي حنيفة بخلو الدار من الإمام لخروجه بالفسق من الإمامة فمن وجهين :