الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص239
قال الماوردي : وهذا صحيح ؛ لأن بقاء العذرة يحتمل أن يكون لعدم الزنا ، ويحتمل أن يكون لعود البكارة بعد الزنا ، فلما احتمل الأمرين سقط الحد عنها ؛ لأن الحد يدرأ بالشبهة ، ولا يجب مع الاحتمال ، وأما الشهود فلا حد عليهم ، لأن بقاء العذرة يحتمل أن يكون لعودها بعد الزنا فيكونوا صادقين ، ويحتمل أن يكون لعدم الزنا فيكونوا كاذبين فلا حد عليهم وهم على العدالة ، فلم يجب أن يجرحوا بالشك وجنب المؤمن حمى فلم يجب أن يحد بالشبهة ، ولو بان بعد الشهادة عليها بالزنا أنها رتقاء ، أو قرناء نظر : فإن كان القرن والرتق يمنع من إيلاج الحشفة في الفرج لم تحد كالعذرة ، وإن كان لا يمنع من إيلاجها في الفرج حدث بخلاف العذرة ، ثم تكون هذه الشهادة وإن سقط الحد مسقطة لعفتها ، فإن قذفها قاذف لم يحد لكمال الشهادة بالزنا وسقوط الحد بالشبهة .
وقال أبو حنيفة : أحدهما استحساناً لا قياساً ، وكذلك لو اختلف الشهود الأربعة في الزوايا الأربع حدهم استحساناً ، وسميت هذه المسألة الزوايا احتجاجاً بأن الشهادة إذا أمكن حملها على الصحة لم يجز أن تحمل على الفساد ، وقد يمكن أن يزحف الزانيان من زاوية إلى أخرى فيكونا في أول الفعل في زاوية فيراهما شاهدان ، وفي آخر الفعل في زاوية أخرى فيراهما فيها شاهدان ، ويكون الزنا واحداً .
ودليلنا : هو أن الزنا يختص بزمان ومكان ، فلما كان اختلافهما في الزمان يمنع من وجوب الحد ، وهو أن يشهد اثنان منهم أنه زنا بها وقت الظهر ، ويشهد الآخران أنه زنا بها وقت العصر ، وإن احتمل أن يكون أول الفعل في الظهر وآخره في العصر وجب أن يكون اختلافهما في المكان بمثابته ، وإن أمكن حكم اختلافه على أول الفعل وآخره ، والعلة فيه أن الفعل في أحد المكانين غير الفعل في المكان الآخر وفيه انفصال .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا استكره امرأة على نفسها حتى زنا بها وجب الحد عليه دونها ، وهو متفق عليه ؛ لرواية الحجاج بن أرطأة عن عبد الجبار بن