پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص236

أحدهما : وهو قول أبي حامد الإسفراييني أن أخبارهم مقبولة ؛ لأن المسلمين قبلوا روايات أبي بكرة ومن حد معه ولم يقبلوا شهادتهم .

والوجه الثاني : وهو أقيس : أنه لا تقبل أخبارهم كما لا تقبل شهادتهم ؛ لأن ما جرح في تعديل الشهادة المتعلقة بالحقوق كان أولى أن يجرح في تعديل الرواية المتعلقة بالدين ، والله أعلم .

( مسألة )

قال الشافعي : فإن رجم بشهادة أربعة ثم رجع أحدهم سألته فإن قال عمدت أن أشهد بزور مع غيري ليقتل فعليه القود وإن قال شهدت ولا أعلم عليه القتل أو غيره أحلف وكان عليه ربع الدية والحد وكذلك إن رجع الباقون ) .

قال الماوردي : وهذا صحيح . إذا شهد أربعة على رجل بالزنا فحد بشهادتهم ثم رجعوا عن الشهادة فقد صاروا بالرجوع قذفة ويحدون ، ولا يخلو حال ما أقيم بشهادتهم من الحد من أحد أمرين :

إما أن يكون رجماً ، أو جلداً ، فإن كان رجماً ضمنوا بالرجوع نفس المرجوم ، وسئلوا عن شهادتهم هل عمدوا الكذب فيها ليقتل أو لم يعمدوه ؟ ولهم في الجواب أربعة أحوال :

أحدها : أن يقولوا : أخطأنا جميعاً ، فعليهم دية الخطأ مؤجلة في أموالهم لا على عواقلهم ؛ لأنها عن اعتراف .

والحال الثانية : أن يقولوا : عمدنا ولم نعلم أنه يقتل وظنناه بكراً ، فعليهم دية شبه العمد ، ولا قود ، وتكون في أموالهم دون عواقلهم .

والحال الثالثة : أن يقولوا عمدنا ليقتل فعليهم القود ، فإن عفا عنه فدية العمد المحض في أموالهم .

وقال أبو حنيفة : عليهم الدية دون القود ، والكلام معه يأتي في الشهادات .

والحال الرابعة : أن يقولوا عمد بعضنا وأخطأ بعضنا فلا قود على العامد ولا على الخاطئ ؛ لكن على العامد دية العمد ، وعلى الخاطئ دية الخطأ مؤجلة .

( فصل )

وإن كان الحد جلداً فلم يؤثر الجلد في بدنه فلا ضمان على الشهود ، وإن أثر في بدنه فأنهر دماً وأحدث جرحاً ضمنه الشهود في العمد والخطأ .

وقال أبو حنيفة : لا يضمنون اثر الجلد وما حدث منه وإن ضمنوا دية النفس في الرجم ؛ لأن الشهادة أوجبت الرجم فضمنوه ، ولم يوجب أثر الجلد فلم يضمنوه .

ودليلنا : هو أنها جناية حدثت عن شهادتهم فوجب أن تلزمهم غرمها كالنفس ، ولأن ما ضمن به النفس ضمن به ما دونها كالمباشرة ، وما استدل به غير صحيح ؛ لأن