الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص234
بالعدالة للحوق الظنة بالفاسق وانتفائها عن العدل .
والفرع الثاني : أن يكمل عددهم وتكمل صفتهم فترد شهادتهم فهذا على ثلاثة أضرب :
أحدها : أن ترد لتكاذب فيها وتعارض وهو أن يشهد اثنان منهم أنه زنا بها يوم الجمعة ببغداد ، ويشهد الآخران أنه زنا بها يوم الجمعة بالبصرة .
فإن قيل : إن رد الشهود من غير تكاذب موجب الحد فوجب به مع التكاذب أولى ، وإن قيل : إنه لا يوجب الحد ففي ردهم بالتكاذب ثلاثة أوجه :
أحدها : يحدون جميعاً للقطع بالكذب في شهادتهم .
والوجه الثاني : لا يحدون جميعاً ، لأن الكذب لم يتعين في إحدى الجهتين .
والوجه الثالث : أن يحد الأخيران ؛ لتقدم إكذاب الأولين لهما قبل شهادتهما ولا يحد الأولان لحدوث إكذاب الآخران لهما بعد شهادتهما وهذا صحيح .
والضرب الثاني : أن ترد شهادتهم لاختلاف الزنا مع الاتفاق على وجوده منهما ، وهو أن يشهد اثنان منهم أنه زنا بها في يوم الجمعة ويشهد الآخران أنه زنا بها في يوم السبت ، أو يشهد اثنان أنه زنا بها في الدار ، ويشهد آخران أنه زنا بها في البيت ، فليس في هذا تكاذب ؛ لأنهما فعلان لم تكمل الشهادة بأحدهما فلم يحد المشهود عليه ، فأما حد الشهود فإن قيل : إن نقصان العدد غير موجب للحد فهذا أولى ، وإن قيل إنه موجب للحد ففي وجوبه ها هنا وجهان :
أحدهما : أنه يجب الحد عليهم ، لأن الشهادة لم تكمل بهم .
والوجه الثاني : لا حد عليهم لكمال الشهادة بالزنا وإن اختلفت فصارت كاملة في سقوطه العفة وإن لم تكمل في وجوب الحد .
والضرب الثالث : ما اختلف في رد شهادتهم به وهو أن يشهد اثنان منهم أنه أكرهها على الزنا ، ويشهد الآخران أنها طاوعته على الزنا ، فلا حد على المرأة ؛ لأنها تحد بالمطاوعة دون الإكراه ، ولم تكمل الشهادة عليها بالمطاوعة ، فسقط الحد عنها .
وأما الرجل ففي وجوب حده بشهادتهم قولان حكاهما أبو حامد المروزي في ‘ جامعه ) .
أحدهما : لا يحد ؛ لأن اختلاف الصفة كاختلاف الفعل .
والقول الثاني : أنه يحد لاتفاقهم في الشهادة عليه بزنا واحد يوجب الحد وليس فيها تعارض ؛ لأن الإكراه يكون في أول الفعل والمطاوعة في آخره ، فعلى هذا إن حكم بشهادتهم في حد الرجل لم يحدوا في حق الرجل ولا في المرأة لثبوتها ، وإن لم يحكم