پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص233

واحد من الشهود في الجرح والتعديل معتبر بنفسه لا بغيره ، فلم يجز أن يكون تأخير غيره عن الشهادة موجباً لفسقه ، ولأن حد الشهود إذا لم يكملوا مفض إلى كتم الشهادة خوفاً أن يحدوا إن لم يكملوا فتكتم حقوق الله تعالى ولا تؤدى ، وقد قال تعالى : ( ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه ) [ البقرة : 283 ] فهذا توجيه القولين فيهم إذا نقص عددهم وكملت في العدالة أوصافهم .

( فصل )

فأما إذا كمل عددهم ونقصت أوصافهم فشهد عليه بالزنا أربعة فكانوا عبيداً ، أو فساقاً ، أو أعداء لا تقبل عليه شهادتهم ، ولم يجلد بهم المشهود عليه ، واختلف أصحابنا في ردهم بنقصان الصفة مع كمال العدد هل يجري مجرى ردهم بنقصان العدد مع كمال الصفة في وجوب الحد عليهم ؟ على ثلاثة أوجه :

أحدها : أنهما سواء ، وأن كل ما منع من الحكم بالشهادة من نقصان عدد أو نقصان صفة هل يصير الشهود به قذفة يحدون أم لا ؟ على قولين : لأنها شهادة لم توجب الحكم بها .

والوجه الثاني : أنهما مختلفان فلا يصيروا بنقصان الصفة مع كمال العدد قذفة ، ولا يحدون وإن صاروا بنقصان العدد مع كمال الصفة قذفة وحدوا في أحد القولين ، لأن نقصان العدد نص ، ونقصان الصفة اجتهاد ، وهذان الوجهان مشهوران .

والوجه الثالث : حكاه أبو حامد الإسفراييني أنه إن كان الرد بنقصان الصفة أمراً ظاهراً كالرق والفسق الظاهر جرى مجرى نقصان العدد هل يصيرون قذفة يحدون أم لا ؟ على قولين ، فإن كان نقصان الصفة بأمر خفي كالفسق الخفي والعداوة الخفية كان مخالفاً لنقصان العدد فلم يصيروا به قذفة ولم يحدوا قولاً واحداً ؛ لأن الظاهر منه كالنص ترد به الشهادة قبل سماعها والخفي منه اجتهاد ترد بها الشهادة بعد سماعها فافترقا .

( فصل )

ويتفرع على هذين الأصلين في نقصان العدد ونقصان الصفة فرعان :

أحدهما : أن يكمل عددهم وتكمل صفة بعضهم دون بعض كأربعة شهدوا على رجل بالزنا وفيهم عبد ، أو فاسق وباقيهم عدول ، فإن قيل : إن نقصان العدد لا يوجب الحد فهو أولى ، وإن قيل : إنه موجب الحد ففي هذا ثلاثة أوجه :

أحدها : وهو الأصح أنه لا حد على جميعهم لقوة الشهادة بكمال العدد وبكمال صفة الأكثرين .

والوجه الثاني : أنه يحد جميعهم لرد شهادتهم .

والوجه الثالث : يحد من نقصت صفته بالرق والفسق ، ولا يحد من كملت صفته