پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص231

أحدهما : وهو الاظهر المنصوص عليه في اكثر كتبه من قديم وجديد وهو قول أبي حنيفة انهم قد صاروا قذفة يحدون .

والقول الثاني : مخرج من كلام علقه في كتاب الشهادات أنه لا حد عليهم ، ويكونوا على عدالتهم ، ولا يصيروا قذفة بنقصان عددهم ، فإذا قيل بالأول : أنهم قد صاروا قذفة يحدون فدليله قصة المغيرة بن شعبة وكان أميراً على البصرة من قبل عمر ، وكان منكاحاً فخلا بامرأة في دار كان ينزلها وينزل معه فيها أبو بكرة ، ونافع وشبل بن معبد ونفيع وزياد بن أمية ، وكان جميعهم من ثقيف فهبت ريح فتحت الباب عن المغيرة فرأوه على بطن المرأة يفعل بها ما يفعل الزوج بزوجته ، فلما أصبحوا تقدم المغيرة في المسجد ليصلي فقال له أبو بكرة : تنح عن مصلانا ، وانتشرت القصة ، فبلغت عمر فكتبوا وكتب أن يرفعوا جميعاً إليه ، فلما قدموا عليه حضروا مجلسه بدأ أبو بكرة فشهد بالزنا ووصفه فقال علي للمغيرة : ذهب ربعك ، ثم شهد بعده نافع فقال علي المغيرة ذهب نصفك ، ثم شهد بعده شبل بن معبد فقال علي للمغيرة : ذهب ثلاثة أرباعك وقال عمر : أود الأربعة وأقبل زياد ليشهد فقال له عمر : إيها يا سرح العقاب قل ما عندك وأرجوا أن لا يفضح الله على يديك أحداً من أصحاب رسول الله ( ص ) فتنبه زياد فقال : رأيت أرجلاً مختلفة ، وأنفاساً عالية ، ورأيته على بطنها وأن رجليها على كتفيه كأنهما أذنا حمار ، ولا أعلم ما وراء ذلك ، فقال عمر : الله اكبر يا أخي قم فاجلد هؤلاء الثلاثة ، فجلدوا جلد القذف ، وقال عمر لأبي بكرة ، تب أقبل شهادتك فقال : والله لا أتوب ، والله لقد زنا ، والله لقد زنا ، فهم عمر بجلده فقال علي : إن جلدته رجمت صاحبكما ، وفي هذا القول منه تأويلان :

أحدهما : إن كان هذا القول منه غير الأول فقد كملت الشهادة فارجم صاحبك ، وإن كان هو الأول فقد جلد فيه .

والثاني : معناه أنك إن جلدته بغير استحقاق فارجم صاحبك بغير استحقاق ، ولم يخالف في هذه القصة أحد من الصحابة فصارت إجماعاً ، فاعترض طاعن على هذه القصة من ثلاثة أوجه :

أحدهما : إن قال لما عرض عمر لزياد أن لا يستوفي شهادته وفيها إسقاط لحق الله تعالى وإضاعة لحدوده .

والجواب عنه أن عمر رضي الله عنه اتبع في ذلك سنة رسول الله ( ص ) في التعريض بما يدرأ به الحدود ، فإنه عرض لماعز حين أقر عنده بالزنا فقال : ‘ لعلك قبلت لعلك لامست ) ليرجع عن إقراره ، كذلك فعل عمر في تعريضه للشاهد أن لا يستكمل الشهادة ؛ لأن جنب المؤمن حمى .