پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص230

أنه قال : أيما شهود شهدوا على حد لم يشهدوا عند حضرته فإنما هم شهود ضغن لا تقبل شهادتهم ، ولأن شهود الزنا مخيرون بين إقامتها وتركها ، فإن أخرها صار تاركاً لها والعائد في الشهادة بعد تركها متهم ، وشهادة المتهم مردودة ، ولأن الشهادة معتبرة بالإجماع على قول وعدد كالعقود ، فلما بطلت العقود بتأخير القول وافتراق العدد وجب أن تكون الشهادة بمثابتها في إبطالها بتأخير القول وافتراق العدد .

ودليلنا قول الله تعالى : ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ) [ النور : 4 ] فاقتضى أن يكون محمولاً على عموم الأحوال في الفور والتراخي ، ولأن كل شهادة قبلت على الفور قبلت على التراخي كالشهادة على سائر الحقوق ؛ ولأنه أحد نوعي ما ثبت به الزنا فوجب أن لا يبطل بالتراخي كالإقرار ، وأما حديث عمر فهو مرسل ؛ لأن عمر لم يلقه وخالفه ، وقد خالف عمر هذا القول في قصة المغيرة فإنه نقل الشهود فيها من البصرة إلى المدينة وسمعها بعد تطاول المدة وعلى أن قوله : ‘ لم يشهدوا ) محمول على انهم لم يشهدوا الفعل فلا تقبل منهم شهادتهم .

وأما الاستدلال بالتهمة فالجواب عنه من وجهين :

أحدهما : أن التهمة في المبادرة أقوى منها في التأخير .

روى عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ إذا تثبت أصبت أو كدت تصيب ، وإذا استعجلت أخطأت أو كدت تخطئ ) .

والثاني : أن التهمة بالعداوة لا توجب عنده رد الشهادة وإن ردت عندنا ، ولو صار متهوماً بالتأخير لردت به في غير الزنا .

وأما اعتبارهم بالعقود فباطل بسائر الشهادات والله أعلم .

( مسألة )

قال الشافعي : ‘ ومن رجع بعد تمام الشهادة لم يحد غيره وإن لم تتم شهود الزنا أربعة فهم قذفة يحدون ) .

قال الماوردي : هاتان مسألتان ، والأولى فيهما تقديم للثانية ؛ لأنها أصل للأولى وهو أن يشهد بالزنا أقل من أربعة ، إما أن يكونوا ثلاثة ، أو اثنين ، أو واحد ، الحكم فيهم سواء ، وسواء حضر الرابع فتوقف أو لم يحضر ، فهل يصير الشهود إذا لم يكمل عددهم قذفة يحدون أم لا ؟ على قولين :