الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص228
وإذا كان كذلك لم تسأل عن الحمل قبل الوضع ولا إن وضعته ميتاً ؛ لأنه لا يتعلق بسؤالها حكم سوى الحد ، ولا يجوز أن تسأل عما يوجب حد الزنى عليها ؛ لقول النبي ( ص ) : ‘ من أتى من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم حد الله عليه ) .
وإن وضعت ولداً حياً سئلت عنه حينئذ لما يتعلق به من حق الولد في ثبوت نسبه ، فإن أقرت به من زنا حدث بإقرارها ، والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، لا فرق في الشهادة على الزنا بين أن يفرق الشهود في أدائها أو يجتمعوا عليها .
وقال أبو حنيفة ومالك : تسمع شهادتهم إن اجتمعوا عليها في مجلس واحد ، ويحد المشهود عليه ، ولا تقبل إن افترقوا في الأداء فشهد بعضهم في مجلس وشهد آخرون منهم في مجلس آخر ، ولا يجب بشهادتهم حد استدلالا بأن الشهادة على الزنا تكون بلفظ القذف ، فإن تكامل فيها العدد خرجت عن حكم القذف إلى الشهادة ، وإن لم يتكامل العدد استقر فيها حكم القذف ولم تكن شهادة ، فوجب أن يكون المجلس معتبراً في استقرار حكمها ؛ لأن للمجلس تأثيراً في استقرار الأحكام كالقبول بعد البدل في العقود ، وكالقبض في عقد التصرف .
قالوا : ولأن الشهادة فيه معتبرة بكمال الأداء وكمال العدد ، فلما كان تفريق الأداء في مجلس ذكر في أحدهما أنه زنا ووصف في الآخر الزنا يمنع من صحة الشهادة وجب أن يكون تفريق العدد في مجلسين مانعاً من صحة الشهادة .
قالوا : ولأن حد الزنا ثبت بالإقرار تارة وبالشهادة أخرى ، ثم تغلظ الإقرار من وجهين تصريح بصفة ، وعدد في تكراره وجب أن تتغلظ الشهادة فيه من وجهين : زيادة عدد ، واجتماع في مجلس .
ودليلنا قول الله تعالى : ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء ) الآية [ النور : 4 ] .
ولم يفرق فكان على عمومه ، ولأن كل شهادة يجب الحكم بها إذا تكامل عددها