الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص225
والقول الثاني : أنه في حكم الزنا يرجم إن كان ثيباً ويجلد ويغرب إن كان بكرا لأن حد الزنا أصل لما عداه مخرج من قوله في كتاب الشهادات .
والقول الثالث : لأنهم يعدون الاستمناء وإتيان البهائم زنا فاقتضى هذا من كلامه أن لا يكون زنا ولا يجب فيه حد ، ويعزر فاعله ، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والثوري لأمرين :
أحدهما : لأنه لا حرمة لها تمنع من النظر إليها ولا يجب الوضوء من مسها .
والثاني : لنفور النفوس منها وميلها إلى الآدميين فوجب الحد فيما مالت إليه النفوس وسقط فيما نفرت منه النفوس ، كما وجب الحد في شرب الخمر لميل النفوس إليه ، وسقط في شرب البول لنفور النفوس منه ، فعلى هذا إن جعلناه موجبا للحد أوجبنا الغسل بالإيلاج فيه ، وإن لم نوجب الحد ففي وجوب الغسل بالإيلاج وجهان :
أحدهما : يجب به الغسل ؛ لأنه فرج محرم .
والوجه الثاني : لا غسل إلا بالإنزال ؛ لأنه يصير في حكم المباشرة في غير فرج ، فأما البهيمة فقد أغفل الكلام فيها ، واختلف أصحابنا في وجوب قتلها على وجهين بناء على اختلافهم في حده هل هو مأخوذ من الخبر أو الاستدلال ؟
أحدهما : أنها لا تقتل إذا قيل إن حد إتيانها مأخوذ من القياس والاستدلال .
والوجه الثاني : يجب قتلها إذا قيل : إنه مأخوذ من الخبر ، وسواء كانت البهيمة له أو لغيره ، وحكى الطحاوي في ‘ مختصره ) أنها تقتل إن كانت له ولا تقتل إن كانت لغيره ، وهذا الفرق لا وجه له لعموم الخبر .
فإن قيل : فما المعنى في قتلها وليس على البهائم حدود .
قيل : ليست تقتل حداً وفي معنى قتلها أمران :
أحدهما : للستر على من أتاها أن لا ترى فيقذفه الناس بإتيانها .
والثاني : أن لا تأتي بخلق مشوه فقد قيل : إن بعض الرعاة أتى بهيمة فأتت بخلق مشوه ، فعلى هذا تقتل ذبحاً لا رجماً ، وفي إباحة أكلها إن كانت مأكولة اللحم وجهان :
أحدهما : لا تؤكل ، ويشبه أن يكون قول ابن عباس لأن النفوس تعاف أكلها وقد أتيت .
والوجه الثاني : تؤكل ؛ لأن إتيانها لم ينقلها عن جنسها المستباح ، وهل يلزم غرمها لمالكها إن كانت غير مأكولة أو كانت مأكولة فقيل لا تؤكل ؟ على وجهين :