الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص221
فإن ادعى الزاني أنه جهل تحريم الزنا نظر فإن كان من أحد هؤلاء الثلاثة كان قوله مقبولاً ، ولا يلزمه إحلافه إلا استظهاراً ؛ لأنه الظاهر من حاله ، وإن لم يكن منهم لم يقبل قوله ؛ لأن الظاهر خلافه .
وقال أبو حنيفة : لا يكون الوطء في الدبر زنا ، ولا يجب به الحد ، حتى قال : إنه لا يفسد به الحج والصيام . ولا تجب به الكفارة ، ولا يجب به الغسل إلا أن ينزل منه فيغتسل بالإنزال ، استدلالا بأنه استمتاع لا يفضي إلى فساد النسب فلم يتعلق به وجوب الحد كالاستمتاع بما دون الفرج .
ودليلنا أنه إيلاج في أحد الفرجين ، فوجب أن يتعلق به وجوب الحد كالقبل ، ولأن تحريمه أغلظ من تحريم القبل ، لأنه لا يستباح بالعقد فكان بوجوب الحد أحق .
فأما استدلاله بأنه لا يفضي إلى فساد النسب فالعلة فيه هتك الحرمة . [ وفساد النسب تابع ؛ لأنه قد يكون ولا يكون ، وهذا أعظم في هتك الحرمة ] .
وقال علي بن أبي طالب رضوان الله عليه إذا اضطجعا في فراش واحد على المعانقة يقبلها وتقبله حد كل واحد منهما مائة جلدة .
وقال عبد الله بن عمر يحد كل واحد منهما خمسين جلدة .
والدليل على أن لا حد عليهما حديث ابن مسعود أن رجلاً أتى رسول الله ( ص ) فقال : إني نلت من امرأة ما يناله الرجل من زوجته إلا بوطء قبلتها وعانقتها فما يجب علي ، فتلا قول الله تعالى : ( أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات