پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص219

ولم يكن هذا منهم إلا عن أمر رسول الله ( ص ) فاحتمل أن يكون هذان الخبران في رجلين ، وهو الأظهر ؛ لاختلاف الحالين .

واحتمل أن يكون في رجل واحد روي على لفظتين مختلفتين وحالتين متقاربتين ، وأيهما كان فهو دليل .

ومن القياس : أنه وطء محرم بدواعيه غير مختلف فيه فوجب أن يكون مع العلم بتحريمه موجباً للحد إذا لم يصادف ملكاً قياساً عليه إذا تجرد عن عقد .

فإن قيل : العقد شبهة .

قيل : الشبهة ما اشتبه حكمه بالاختلاف في إباحته كنكاح المتعة ، وهذا غير مشتبه للنص على تحريمه فلم يكن شبهة .

وقولنا : يحرم بدواعيه ، احترازاً من وطء المحرمة والصائمة الحائض .

وقولنا : غير مختلف فيه ، احترازاً من المناكح المختلف فيها .

وقولنا : إذا لم يصادف ملكاً ، احترازاً من الأمة المشتركة بين اثنين ، ولأنه عقد على من لا يستباح بحال فوجب أن يكون وجوده كعدمه كالعقد على الغلام ، ولأن هذا العقد لا تأثير له لوجود التحريم بعده كوجوده قبله .

وأما قياسهم على المناكح الفاسدة فالمعنى فيه ما ذكرنا من اختلاف الناس فيه .

وقياسهم على الكافرين فالمعنى فيه : أنهم يرونه مباحاً في دينهم ، واستدلالهم بأنه لا ينطلق عليه اسم الزنا فغير صحيح ؛ لأن اسم الزنا لا ينطلق عليه في المجوس لاعتقادهم إباحته ، وينطلق عليه من المسلمين للنص والاجماع على تحريمه ، فهذا حكم العقد وشبهته وهما شرطان من الستة .

( فصل )

وأما الملك فهو أن يطأ به أمة يصح ملكه لها ولم يحرم عليه وطؤها فيكون مباحاً كالنكاح ، فإن كانت محرمة عليه كالأمهات والأخوات فعند أبي حنيفة أنه لا حد عليه في وطئهن على أصله الذي قدمناه ، وعلى مذهب الشافعي ينظر فإن كانت ممن لا يستقر له عليها ملك كالأم والجدة فوطؤه لها وإن ملكها زنا ، يوجب الحد ؛ لأن ملكه قد زال بعتقها عليه ، وإن كانت ممن يستقر له عليها ملك من الأخوات والعمات وسائر ذوات المحارم ففي وجوب الحد عليها بالوطء مع العلم بالتحريم قولان :

أحدهما : يجب الحد عليها ؛ لأنه ملك لا يستباح به الوطء بحال فأشبه ملك الغلام .