پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص214

ولم يجز أن يقام عليه حد المرضى ؛ لأنه لا يمكن أن يقام عليه حد الأصحاء فلم يبق إلى أن يؤخر إلى صحته .

وأما الضرب الثاني : وهو المختص بالزمان فهو شأن إفراط الحر وإفراط البرد ؛ لأن الجلد فيهما مفض إلى التلف ، والمقصود بالجلد الردع والزجر دون التلف ، فيؤخر في شدة الحر إلى اعتدال الهواء وفي شدة البرد إلى اعتداله ، فإن كان هذا المحدود في بلاد الحر التي لا يسكن حرها أو في بلاد البرد التي لا يقل بردها لم يؤخر حده ولم ينقل إلى البلاد المعتدلة لما فيه من تأخير الحد ولحوق المشقة ، وقوبل إفراط الحر وإفراط البرد بتخفيف الضرب حتى يسلم فيه من القتل كما نقوله في المرض الملازم .

( فصل )

فإذا تقرر ما يوجب تأخير جلده فلم يؤخر وجلده فيه ، فإن سلم من التلف فقد أساء فيما فعل ولا غرم عليه ، وإن صدر عنه تلف فيه ضربان :

أحدهما : أن يتلف غير المحدود كالحامل إذا جلدت فألقت جنيناً ميتاً فهو مضمون على من جلدها كما قد ضمن عمر جنين المرأة حين أجهضته من رهبة رسالته .

والضرب الثاني : أن يتلف المحدود ففي وجوب ضمانه وجهان :

أحدهما : يضمن ديته لتعديه بالوقت .

والوجه الثاني : لا يضمن ديته لحدوثه عن جلد مستحق .

( مسألة )

قال الشافعي : ‘ ويرجم المحصن في كل ذلك إلا أن تكون امرأة حبلى فتترك حتى تضع ويكفل ولدها ) .

قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا كان الحد رجماً لم يجز أن ترجم حامل حتى تضع ، لرواية عبد الله بن بريدة عن أبيه أن امرأة من غامد أتت النبي ( ص ) فقالت : إني زنيت فطهرني فقال : ارجعي فرجعت ، فلما كان من الغد أتته فقالت : لعلك تريد أن تردني كما رددت ماعزاً ، فوالله إني لحبلى فقال لها : ارجعي حتى تلدي ، فرجعت ، فلما ولدته أتته بالصبي فقالت : قد ولدته ، فقال : ارجعي فأرضعيه حتى تفطميه [ . . . ] وفي يده شيء يأكل فأمر بالصبي فدفع إلى رجل من المسلمين وأمر بها فحفر لها ، ثم أمر بها فرجمت ، ولأن علياً قال لعمر رضي الله عنه وقد أمر برجم حامل : ‘ إنه لا سبيل لك على ما في بطنها ) فردها وقال له معاذ بن جبل مثل ذلك ، فإذا وضعت حملها أمسك عنها حتى ترضع ولدها اللبأ الذي لا يستغني عنه في حفظ حياته ، ثم ينظر في مرضع الولد بعد اللبأ فإنه لا يخلو من ثلاثة أحوال :