پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص210

قال أبو حنيفة : لا حد عليه ولا عليها ؛ لأنه لا يجعل إشارتها بالزنا إقراراً فتصير كالجاحدة ، وعندنا يجب الحد عليه وعليها إن أشارت بالإقرار ، وكذلك الأخرس إذا أشار بالإقرار بالزنا حد .

وقد مضت هذه المسألة في كتاب ‘ الإقرار ) ثم يقال لأبي حنيفة : ليس في خرسها أكثر من سكوتها وسكوتها لا يمنع من وجوب الحد عليه ، كذلك خرسها والله أعلم .

( مسألة )

قال الشافعي : ‘ ومتى رجع ترك وقع به بعض الحد أو لم يقع ) .

قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا رجع المقر بالزنا عن إقراره قبل رجوعه وسقط الحد عنه ، وبه قال أبو حنيفة وأكثر الفقهاء ، سواء وقع به بعض الحد أو لم يقع .

وقال الحسن البصري وسعيد بن جبير ومالك في إحدى الروايتين عنه وداود بن علي : لا يقبل رجوعه ولا يسقط عنه الحد ، سواء وقع به الحد أو لم يقع .

وقال بعض العراقيين : يقبل رجوعه قبل الشروع في حده ولا يقبل بعد الشروع فيه استدلالا بقول النبي ( ص ) : ‘ من أتى من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم حد الله عليه ) فدل على أن لا تأثير للرجوع بعد إبداء الصفحة .

قالوا : ولأنه حق ثبت بإقراره فوجب أن لا يسقط برجوعه قياساً على حقوق الآدميين .

ودليلنا قول رسول الله ( ص ) : ‘ ادرؤوا الحدود بالشبهات ) ورجوعه شبهة لاحتمال صدقه ، ولأن ماعزاً لما هرب من حر الأحجار وتبعوه حتى قتلوه قال رسول الله ( ص ) : ‘ هلا تركتموه لعله أن يتوب فيتوب الله عليه ) فلو لم يكن لرجوعه تأثير لم يندب إلى تركه بعد الأمر برجمه .

وروي أن رجلاً أقر عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالزنا ثم رجع عنه فتركه وقال : لأن أترك حداً بالشبهة أولى من أن أقيم حداً بالشبهة ، ووافق أبا بكر رضي الله عنه على مثل هذا ، وليس لهما في الصحابة مخالف فكان إجماعاً ، ولأنه حد لله تعالى ثبت بقوله : فجاز أن يسقط برجوعه كالردة ، ولأن ما ثبت من حدود الله تعالى بالقول يجب أن يسقط بالقول قياساً على رجوع الشهود .