پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص208

يجوز أن يصير في بعض الأحكام زانياً وفي بعضها غير زان ، ولأنه إقرار ثبت به حد القذف فوجب أن يثبت به حد الزنا كالأربع .

ولأن الحقوق ضربان : حق الله سبحانه ، وحق للآدمي ، وليس في واحد منهما ما يعتبر في الإقرار به التكرار فكان حد الزنا ملحقاً بأحدهما ولم يجز أن يخرج عنهما .

فأما الجواب عن حديث ‘ ماعز ) في إقراره أربعاً فمن أربعة أوجه :

أحدها : هو أن النبي ( ص ) توقف عن رجمه في المرة الأولى استثباتاً لحاله واسترابة لجنونه ؛ لأنه كان قصيراً اعضد احمر العينين ناثر الشعر أقبل حاسراً فطرده تصوراً لجنونه ، وأن العاقل لا يفضح نفسه ويتلفها ، وقد قال رسول الله ( ص ) : ‘ من أتى من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم حد الله عليه ) ولذلك سال قومه عن حاله وقال : أبه جنة وقال استنكهوه لأنه توهمه حين لم ير به جنة أن يكون سكراناً .

والثاني : أنه لو كان الأربع معتبراً لكان الأول مؤثراً ، ولما استجاز أن يطرده ، وقد تعلق به لله تعالى حق .

والثالث : أنه رجمه بعد أن استثبته في الخامسة وقال : ‘ لعلك قبلت لعلك لمست ؟ ) قال بل جامعتها ، قال : ‘ أولجت ذكرك في فرجها كالمرود في المكحلة والرشا في البئر ) ؟ قال : نعم فأقر برجمه في الخامسة وليست شرطاً بإجماع فكذلك ما تقدمها .

والرابع : أنه خبر خالف الأصول وخبر الواحد عندهم إذا خالف الأصول لم يعمل به ، وأما قول أبي بكر رضي الله عنه : ‘ إنك إن أقررت الرابعة رجمك ) فلأن حاله قد وضحت والاسترابة قد ارتفعت فصارت الرابعة هي الموجبة لزوال الاسترابة ولم تكن لاستكمال العدد ؛ لأن أبا بكر رضي الله عنه قد جلد في أيامه ولم يعتبر عدداً .

وأما الجواب عن قياسهم على الشهادة فهو أن المعنى فيها أنه لما اعتبر فيها العدد في غير الزنا اعتبر في الزنا ، ولما لم يعتبر العدد في الإقرار بغير الزنا لم يعتبر في الإقرار بالزنا .

وأما الجواب عن استدلالهم بزيادة الشهادة فيه تغليظاً فهو أن الشهادة قد تختلف باختلاف الحقوق ولا توجب اختلاف الإقرار بها فكذلك في الزنا .

( فصل )

وإذا أقر أنه زنا بامرأة فجحدت المرأة الزنا فعليه الحد دونها .