الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص207
حتى قتل ، فلما أمر برجمه في الرابعة دون ما تقدمها دل على أنها هي الموجبة لرجمه وأن الأربع كلها شروط فيه .
وروى عامر بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : أقبل ماعز بن مالك إلى رسول الله ( ص ) وأنا جالس عنده حتى جلس بين يديه فأقر عنده بالزنا ، فأمر بطرده حتى لم ير ، ثم عاد فجلس بين يديه فأقر عنده بالزنا ، فأمر بطرده حتى لم ير ، ثم عاد فجلس بين يديه فأقر عنده بالزنا ، فأمر بطرده حتى لم ير ، ثم عاد الرابعة ، قال : فنهضت إليه فقلت : يا هذا إنك إن أقررت عنده الرابعة رجمك قال فجاء حتى جلس بين يديه فأقر عنده بالزنا فأمر برجمه .
قالوا : فقد صرح أبو بكر رضي الله عنه بمشهد رسول الله ( ص ) بأن الرابعة هي الموجبة لرجمه فأقره ، فصار كقوله .
قالوا : ولأنه سبب يثبت حد الزنا فوجب أن يكون العدد من شرطه كالشهادة ، ولأن الزنا لما غلظ بزيادة الشهادة على سائر الشهادات وجب أن يغلظ بزيادة الإقرار على سائر الإقرارات .
ودليلنا حديث أبي هريرة أن النبي ( ص ) قال : ‘ يا أنيس أغد إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها ) ولم يوقت له في اعترافها أربعاً ، فغدا إليها فاعترفت فرجمها ، ولم ينقل أنها اعترفت أربعاً فدل على ثبوته باعتراف المرأة الواحدة لأنه لا يجوز أن يؤخر بيانه عن وقت الحاجة ولا يبيح رجمها بغير استحقاق .
ولأنه قول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ولا مخالف لهما في الصحابة فكان إجماعاً .
أما أبو بكر فأقر رجل بكر عنده بالزنا فجلده مائة وغربه عاماً .
وأما عمر فإن رجلا أتاه فقال : إن امرأتي زنت فأنفذ أبا واقد الليثي إليها ، فقال لها : زوجك قد اعترف عليك بالزنا وإنك لا تؤاخذين بقوله لتنزع فلم تنزع ، فأمر عمر برجمها .
ومن القياس : أن ما ثبت بالإقرار لم يعتبر فيه التكرار كسائر الحدود والحقوق ، ولأن ما لم يلزم فيه تكرار الإنكار لم يلزم في تكرار الإقرار كسائر الحدود ، ولأن رجلاً لو قذف رجلاً بالزنا ووجب عليه حد قذفه فاعترف المقذوف مرة واحدة صار كالمقر به أربعاً في سقوط الحد عن قاذفه فوجب أن يصير كالأربع في وجوب الحد به ؛ لأنه لا