الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص206
أحدها : يغرب سنة كالحر وإن خالف الحر في الجلد ؛ لأن ما اعتبر فيه الحول لم يتبعض كالزكاة والجزية .
والقول الثاني : لا تغريب عليه بوجه لما فيه من الإضرار بسيده ، وأنه في الغربة أرفه لقلة خدمته .
والقول الثالث : أنه يغرب نصف سنة ، وهذا أصح ؛ لأنه لما كان التغريب في الحر تبعاً للجلد ثم تنصف جلد العبد ، وجب أن ينتصف تغريبه ، وسواء في هذا التغريب أن يحده الإمام أو السيد .
وقال بعض أصحابنا : إن حده السيد لم يغربه ، وإن حده الإمام غربه .
وهذا الفرق لا وجه له ؛ لأن الحد مستوفى في حق الله تعالى لا في حق السيد ، فوجب أن لا يختلف باختلاف مستوفيه كالجلد وحد الأمة كالعبد ، وكذلك المدبر والمكاتب ومن فيه جزء من الرق وإن قل كحد العبيد كما كانوا في النكاح والطلاق والعدة كالعبيد ، ومؤونة التغريب في بيت المال ، ونفقته في زمان التغريب على السيد ، فإن أعوز بيت المال فمؤونة التغريب على السيد كالنفقة والله أعلم .
قال الماوردي : اختلف الفقهاء في الإقرار الذي يجب به حد الزنا على ثلاثة مذاهب :
أحدها : وهو مذهب الشافعي أنه يجب بإقراره مرة واحدة ، وهو قول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما .
والثاني : وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه : أنه لا يجب إلا بإقرار أربع مرار في أربعة مجالس .
والثالث : وهو مذهب مالك وابن أبي ليلى لا تجب إلا بإقرار أربع مرات سواء كان في مجلس أو في مجالس ؛ احتجاجاً في اعتبار الأربع برواية أبي حنيفة عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال : جاء ماعز بن مالك إلى النبي ( ص ) فأقر بالزنا فرده ، ثم عاد فأقر بالزنا فرده ، ثم عاد فأقر بالزنا فرده ، ثم عاد رابعة فأقر بالزنا فسأل عنه قومه : ‘ هل تنكرون من عقله شيئاً ؟ ) قالوا : لا ، فأمر به فرجم في موضع قليل الحجارة ، فأبطأ عليه الموت ، فانطلق يسعى إلى موضع كثير الحجارة فرجموه