پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص204

أحدهما : الوجه ؛ لرواية أبي هريرة أن النبي ( ص ) قال : ‘ إذا ضربتم فاتقوا الوجه ) .

والثاني : الفرج ؛ لأن المذاكير قاتلة ، فأما الرأس فلا يلزم اتقاؤه .

وقال أبو حنيفة : يلزم أن يتقى وهو أشبه ؛ لأن الضرب عليه أخوف .

وأما التغريب فيشتمل على زمان ومكان ، فأما الزمان فقد قدره الشرع بسنة تجمع اثني عشر شهراً بالأهلة ، وأما المكان ففيه وجهان :

أحدهما : وهو قول الأكثرين من أصحاب الشافعي : إلى مسافة يوم وليلة فصاعداً ؛ لأنه حد السفر الذي يقصر فيه ويفطر ، وسواء كان له في البلد الذي غرب إليه أهل أو لم يكن .

والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنه يغرب إلى حيث ينطلق عليه اسم الغربة وتلحقه في المقام به مشقة ووحشة ، سواء قصر في مثله الصلاة أو لم تقصر ؛ لأن المقصود بتغريبه خروجه عن أنسه بالأهل والوطن إلى وحشة الغربة والانفراد ، ولا يجوز أن يحبس في تغريبه إلا أن يتعرض للزنا وإفساد الناس فيحبس كفا عن الفساد تعزيراً مستجداً ، ومؤونته في غربته في بيت المال من خمس الخمس كأجرة الجلاد ، فإن أعوز بيت المال كانت في ماله كما تكون فيه أجرة مستوفي الحد منه عند الإعواز ، فأما نفقته في زمان التغريب فعلى نفسه ومن كسبه ولا يمنع من الاكتساب ولا أن يسافر معه بمال يتجر به أو ينفقه ، فإن أعوزه الكسب في سفره كان كسائر الفقراء .

( فصل )

فإن رأى الإمام أن يزيد في مسافة تغريبه على ما قدمناه جاز ، فقد غرب عمر رضي الله عنه إلى الشام ، وغرب عثمان رضي الله عنه إلى مصر ، وإن رأى أن يزيد في زمان تغريبه على السنة لم يجز ، لأن السنة نص ، والمسافة اجتهاد ، وفي أول السنة في تغريبه وجهان :

أحدهما : من وقت إخراجه من بلده ؛ لأنه أول سفره .

والوجه الثاني : بعد حصوله في مكان التغريب ، وفيه ما قدمناه من الوجهين :

أحدهما : بعد مفارقته لأنس الوطن واعتزال الأهل إذا قيل إنه حد التغريب .