الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص201
والثيب ببكر لم يعتبر في وجوب الحد إذا زنت العاقلة بمجنون .
فأما الجواب عن قوله ‘ إن وطء المجنون ليس بزنا ) فهو أن حكم الزنا ثابت فيه لانتفاء النسب عنه ، ولو ارتفع حكم الزنا عنه لحق النسب به ، وإنما سقط الحد عنه لارتفاع القلم .
وأما الجواب عن استدلاله : ‘ بأن الواطئ متبوع ) فهو باطل بصفة الحد لما جاز أن ترجم الموطوءة وإن جلد الواطئ ، جاز أن تجلد الموطوءة وإن لم يجلد الواطئ .
فإذا تقرر هذا فرع عليه الزنا في مستيقظ ونائم ، فإن زنا رجل بنائمة حد دونها عندنا وعنده كزنا العاقل بمجنونة ، وإن استدخلت المرأة ذكر نائم حدت عندنا ، ولم تحد عنده كالعاقلة إذا زنت بمجنون اعتباراً بسقوط الحد عن النائم ، وما قدمناه دليل عليه في الموضعين وبالله التوفيق .
قال الماوردي : وهذا صحيح ؛ إذا رجم الزاني أجري عليه حكم غيره من الأموات في غسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين ، وقسم ماله بين ورثته ، ولا يمنع قتله في المعصية من أن تجري عليه أحكام المسلمين كالمقتول قوداً ، ولم يكره للإمام الحاكم برجمه أن يصلي عليه ، وكرهها مالك له ؛ لأن النبي ( ص ) لم يصل على ماعز حين رجمه .
والدليل عليه حديث عمران بن الحصين أن النبي ( ص ) صلى على التي رجمها من جهينة وأحسبها الغامدية فقال له عمر رضي الله عنه ترجمها ثم تصلي عليها فقال : ‘ لقد تابت توبة لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم هل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها ) .
وجلد علي بن أبي طالب عليه السلام شراحة الهمدانية في يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة ، وصلى عليها ، ولأنها صلاة لا تكره لغير الإمام فلم تكره للإمام كالصلاة على غير الزاني .
فأما ماعز فيجوز أن يكون تأخر عن الصلاة عليه لعارض ويكفي أن يصلي عليها غيره .