الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص197
نر إقامته إلا على الأدنياء وندع الأشراف ، فجعلناه الجلد والتحميم والتجبية يريد بالتحميم تسويد الوجه ، مشتق من الحممة وهي الفحمة ، ويريد بالتجبية أن يركبا على حمار أو جمل وظهر كل واحد منهما إلى ظهر صاحبه فرجمهما حينئذ رسول الله ( ص ) وقال : ‘ أنا أول من أحيا سنة أماتوها ) .
قيل الجواب عن هذا من وجهين :
أحدهما : أن الله تعالى قد أمره أن يحكم بينهم بما أنزله عليه بقوله : ( وأن أحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم ) [ المائدة : 49 ] فلم يجز أن يكون حكمه عليهم بتوراتهم .
والثاني : أنه إذا كان من شريعته الرجم وهو موافق لما في التوراة كان حكمه بشريعته لا بالتوراة ، وإنما أحضرها لإكذابهم على إنكارهم وجود الرجم فيها .
ومن القياس : أن كل من كان من أهل الجلد الكامل إذا كان بكراً كان وطؤه في النكاح الصحيح يوجب أن يكون محصناً كالمسلم ؛ ولأن من ملك رجعتين في نكاح كان محصناً كالمسلم ، وفيهما احتراز من العبد ومن غير الواطئ في نكاح .
فأما الجواب عن حديث ابن عمر فمن وجهين :
أحدهما : أن معنى قوله فليس بمحصن أي : ليس بممتنع من قبيح .
والثاني : أنه محمول على إحصان القذف .
فأما الجواب عن حديث كعب بن مالك ، فراويه ابن أبي مريم عن علي بن أبي طلحة عن كعب ، وابن أبي مريم ضعيف ، وابن أبي طلحة لم يلق كعباً فكان منقطعاً .
ولو صح لكان الجواب عن قوله : ‘ فإنها لا تحصنك ) من وجهين :
أحدهما : أنه أراد به الترغيب في نكاح المسلمات والتزهيد في نكاح الكتابيات ، لأنه لا يجوز أن يريد تحصين الزنا في أصحابه ليرجموا وقد صانهم الله تعالى عنه لاختيارهم لنصرة دينه والجهاد عليه مع رسوله .
والثاني : أن معناه : أنها لا تعفك عن نكاح غيرها إما لقبحها أو سوء معتقدها .
وأما الجواب عن قياسهم على حصانة القذف فمن وجهين :
أحدهما : أنه قياس يدفع النص فكان مطرحاً .
والثاني : أن المعنى في حصانة القذف اعتبار الصفة فيها فكان أولى أن يعتبر فيها الإسلام ، [ لما لم يعتبر العفة في حصانة الزنا كان أولى أن لا يعتبر فيها الإسلام ] .