الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص195
والثاني : أن المحرم شرط عندنا في مباح السفر دون واجبه كما قال ( ص ) : ‘ لا تصومن امرأة وزوجها حاضر إلا بإذنه ) محمولاً على تطوع الصوم دون مفروضه ، وهذا واجب كالحج فلم يفتقر إلى ذي محرم .
وأما الجواب عن قياسهم على حد القذف ، وشرب الخمر فمن وجهين :
أحدهما : أنه قياس يدفع النص فكان مطرحاً .
والثاني : أنه لما لم يجز أن يغرب في غير الزنا تعزيراً وجاز في الزنا لم يمنع من وجوبه في الزنا حداً وإن لم يجب في غير الزنا .
وأما الجواب عن قياسهم على الثيب فمن وجهين :
أحدهما : أن حد الثيب أغلظ العقوبات فسقط به ما دونه .
والثاني : أن الرجم فيه قد منع من حد يتعقبه والجلد لا يمنع والله أعلم .
أحدهما : يجمع عليه بينهما لاختلاف حكمهما ، فيجلد لزنا البكارة ، ويرجم لزنا الإحصان ، ولا يغرب ؛ لأن رجمه يغني عنه .
والوجه الثاني : لا يجمع بينهما ؛ لأنهما من جنس اتفق موجبهما فدخل أخف الحكمين في أغلظهما كما يدخل الحدث في الجناية ، ولأنه لو تكرر الزنا منه في البكارة تداخل ، ولو تكرر منه في الإحصان تداخل ، فوجب إذا تكرر في البكارة والإحصان أن يتداخل ، وهكذا لو سرق ثم ارتد ففي دخول قطع السرقة في قتل الردة وجهان على ما ذكرناه والله أعلم .
قال الماوردي : قد ذكرنا الفرق في حد الزنا بين البكر والثيب ، وليس يراد بالثيب زوال العذرة لعدم هذه الصفة في الرجال ، وإنما يراد بها الإحصان ، فيكون المراد بالثيب المحصن ، والإحصان في كلامهم الامتناع ، ومنه سمي القصر حصناً لامتناعه ، وقيل : فرس حصان لامتناع راكبه به ، ودرع حصينة لامتناع لابسها من وصول السلاح إليه ، وقرية حصينة لامتناع أهلها قال الله تعالى : ( لا يقاتلونكم جميعاً إلا في قرى محصنة ) [ الحشر : 14 ] وإذا كان كذلك فالإحصان هو الأسباب المانعة من الزنا ، وهي أربعة شروط يصير الزاني بها محصناً :