الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص191
ذهب لابتغى إليهما ثالثاً ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب ) وما بقي حكمه لم يؤثر فيه نسخ رسمه ؛ لأن رفع أحدهما لا يوجب رفع الآخر ، كما أن رفع حكمه لا يوجب رفع رسمه ، فصح بما ذكرنا من هذا الترتيب أنه متردد بين نسخ القرآن بالقرآن إن جعلناه منسوخاً وبين تفسير القرآن بالسنة إن جعلناه مجملاً أو محدوداً ولم ينسخ القرآن بالسنة .
إما أن يكون بكراً أو ثيباً على ما سنصفه من حال البكر والثيب ، فإن أن ثيباً ويسمى الثيب محصناً فحده الرجم دون الجلد .
وذهب الخوارج : إلى أن عليه جلد مائة دون الرجم تسوية بين البكر والثيب ؛ احتجاجاً بظاهر القرآن وأن الرجم من أخبار الآحاد وليست حجة عندهم في الأحكام .
وقال داود بن علي ، وأهل الظاهر : عليه جلد مائة والرجم ، فجمعوا عليه بين الحدين احتجاجاً بقول النبي ( ص ) : ‘ خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم ) .
وبرواية قتادة عن الشعبي أن شراحة الهمدانية أتت علياً عليه السلام فقالت : قد زنيت قال : لعلك غيراء ، لعلك رأيت رؤيا ، قالت لا ، فجلدها يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة ، وقال : جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله ، ولأن حد الزنا يوجب الجمع بين عقوبتين كالبكر يجمع له بين الجلد والتغريب .
وذهب الشافعي وأبو حنيفة ، ومالك وجمهور الفقهاء إلى آية الرجم دون الجلد .
والدليل على وجوب الرجم بخلاف ما قاله الخوارج ما قدمناه من الأخبار عن الرسول الله ( ص ) قولا وفعلاً وعن الصحابة نقلاً وعملاً واستفاضته في الناس وانعقاد الإجماع عليه حتى صار حكمه متواتراً ، وإن كان أعيان المرجومين فيه من أخبار الآحاد وهذا يمنع من خلاف حدث بعده .
والدليل على أن الرجم ساقط في رجم الثيب ما رواه الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي ( ص ) رجم يهوديين زنياً ، ولو جلدهما لنقل كما نقل رجمهما .
وروى عكرمة عن ابن عباس أن النبي ( ص ) قال لماعز بن مالك حين أتاه فأقر عنده