پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص185

( فصل )

فبدأ الشافعي بحد الزنا ؛ لأنه أصل تفرع عليه غيره ، وتعدى فيه حكمه ، وأول ما نزل فيه من القرآن قول الله تعالى : ( واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما ) [ النساء : 15 ، 16 ] فشذت طائفة من المفسرين في هاتين الآيتين وزعموا أن الأولى منهما وهو قول الله تعالى : ( واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم ) واردة في إتيان المرأة المرأة لاقتصاره على ذكر النساء دون الرجال فيكون كالزنا في الحظر ومخالف له في الحد .

روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ السحاق زنا النساء بينهن ) ويكون الحد فيه حبسهما حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً بالتزويج ، فيستغنين بحلاله عن حرام ما ارتكبنه .

والآية الثانية وهي قوله :

( واللذان يأتيانها منكم ) واردة في إتيان الرجال الرجال لاقتصاره على ذكر الرجال دون النساء فيكون كالزنا في الحظر .

روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ مباشرة الرجل الرجل زنا ومباشرة المرأة المرأة زنا ) .

وقوله ( فآذوهما ) هو حد جعله الله تعالى لهما ، وهذا الأذى مجمل تفسيره ما اختلف الفقهاء فيه من إتيان الفاحشة بين الذكرين .

والفاحشة الثانية التي هي الزنا بين الرجل والمرأة مأخوذ من الآية الثالثة التي في سورة النور من قوله تعالى : ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ) [ النور : 2 ] وذهب جمهور المفسرين إلى أن هاتين الآيتين وردتا في الزنا بين الرجال والنساء ؛ لأنه ذكر في الأولى النساء وفي الثانية الرجال لتحمل كل واحدة منهما على الأخرى فتصير كالجمع فيها بين الرجال والنساء وبه قال الفقهاء ، وتكون الآية الأولى في زنا النساء بالرجال ، والآية الثانية في زنا الرجال بالنساء ، وهما في حكم الزنا سواء ، واختلف فيما تضمنته الآيتان هل هو حد أو موعد بالحد على قولين :

أحدهما : أنه موعد بالحد وليس بحد ؛ لما في الآية من التنبيه على الموعد ، فعلى هذا في قوله : ( واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم ) وجهان :