الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص184
قال الشافعي رحمه الله : ‘ رجم ( ص ) محصنين يهوديين زنيا ورجم عمر محصنة وجلد عليه السلام بكراً مائة وغربه عاماً وبذلك أقول ) .
قال الماوردي : وأما الحدود فهي عقوبات زجر الله بها العباد عن ارتكاب ما حظر ، وحثهم بها على امتثال ما أمر ، وفي تسميتها حدوداً تأويلان :
أحدهما : لأن الله تعالى حدها وقدرها فلا يجوز لأحد أن يتجاوزها فيزيد عليها أو ينقص منها ، وهذا قول أبي محمد بن قتيبة .
والتأويل الثاني : أنها سميت حدوداً ؛ لأنها تمنع من الإقدام على ما يوجبها ، مأخوذا من حد الدار ؛ لأنه يمنع من مشاركة غيرها فيها ، وبه سمي الحديد حديداً ؛ لأنه يمتنع به ، والعرب تسمي البواب والسجان حداداً ؛ لأنه يمنع من الخروج قال الشاعر :
يريد بالحداد الأول البواب ، وبالحداد الثاني السجان لما يتعلق بهما من المنع ، والعرب تسمي بائع الخمر حداداً ؛ لأنه يمنع منها إلا بالثمن ، وقد كانت الحدود في صدر الإسلام بالغرامات ؛ ولذلك قال رسول الله ( ص ) ‘ من غل صدقته فإنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات الله ليس لآل محمد فيها نصيب ) وقد كان عليه بعض الشرائع المتقدمة ، قال الله عز وجل في قصة يوسف : ( فما جزاؤه إن كنتم كاذبين ) [ يوسف : 74 ] أي ما عقوبة من سرق منكم إن كنتم كاذبين في أنكم لم تسرقوا منا .
قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه ) أي جزاء من سرق أن يسترق . ( كذلك نجزي الظالمين ) [ يوسف : 74 ] أي كذلك نفعل بالظالمين إذا سرقوا أن يسترقوا ، فكان هذا من دين يعقوب ثم نسخ غرم العقوبات بالحدود فعندها قال رسول الله ( ص ) ‘ إذا قطع السارق فلا غرم ) فتأولناه على سقوط غرم العقوبة .