الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص179
قال الشافعي : ويبرأ من كل دين خالف الإسلام . فذكر مع الشهادتين البراءة من كل دين خالف الإسلام .
فأما الشهادتان : فواجبتان لا يصح إسلامه إلا بهما .
وأما التبري من كل دين خالف الإسلام ، فقد اختلف أصحابنا فيه على ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه شرط في إسلام كل كافر ومرتد كالشهادتين .
والوجه الثاني : أنه استحباب في إسلام كل كافر ومرتد كالاعتراف بالبعث والجزاء .
والوجه الثالث : – وقد أفصح به الشافعي في كتاب الأم – أنه إن كان من عبدة الأوثان ومنكري النبوات كالأميين من العرب كان التبري من كل دين خالف الإسلام مستحباً .
وإن كان من أهل كتاب يعترفون بالنبوات ، . وأن محمداً ( ص ) نبي مبعوث إلى قومه كان التبري من كل دين خالف الإسلام واجباً لا يصح إسلامه إلا بذكره .
فإذا ثبت ما ذكرنا من شروط الإسلام المعتبرة في توبة المرتد ، نظر في ردته ،
فإن كانت بجحود الإسلام ، صحت توبته بما ذكرنا من شروطه .
وإن كانت ردته بجحود عبادة من عباداته كالصلاة والصيام والزكاة والحج مع اعترافه بالشهادتين وصحة الإسلام ، اعتبر في صحة توبته بعد شروط الإسلام الاعتراف بما جحده من الصلاة والصيام والزكاة ، لأنه قد صار مرتداً مع اعترافه بالشهادتين فلم تزل عنه الردة بهما حتى يعترف بما صار مرتداً بجحوده ، ولا يجزيه الاقتصار على الاعتراف بما جحده عن إعادة الشهادتين .
لأنه قد جرى عليه حكم الكفر بالردة ، فلزمه إعادة الشهادتين ، ليزول بهما حكم الكفر ، ولزمه الاعتراف بما جحده ليزول به حكم الردة .
وهكذا لو صار مرتدا باستحلال الزنا واستباحة الخمر ، كان من صحة توبته الاعتراف بتحريم الزنا وحظر الخمر
ولكن لو صار مرتداً بسب رسول الله ( ص ) ، كان الاعتراف بنبوته في الشهادتين مقنعاً في صحة توبته ، ولا يفتقر إلى الاعتراف بحظر سبه ، لأن في الاعتراف بنبوته اعترافاً بحظر سبه .