الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص178
وإن لم يعلم بإسلامه ، ففي وجوب القود وجهان :
أحدهما : لا قود عليه ، وعليه الدية ، لأن تقدم ردته شبهة .
والوجه الثاني : عليه القود ، لأنه عمد قتل نفس محظورة .
وإذا كان باقياً بعد الشهادة عليه بالردة وسئل عنها لم يخلو جوابه من اعتراف بها أو إنكار لها .
فإن اعترف بها استتبناه ، فإن تاب وإلا قتلناه .
وإن أنكرها قيل له : إنكارك لها مع قيام البينة بها تكذيب لشهود عدول ، لا ترد شهادتهم بالتكذيب ، وليس يلزمك الإقرار بها ، ولك المخرج من شهادتهم بإظهار الإسلام .
فإذا أظهره : زالت عنه الردة وجرى عليه حكم الإسلام .
فقد شهد شهود عند رسول الله ( ص ) على قوم من المنافقين بكلمة الكفر ، فأحضرهم وسألهم ، فمنهم من اعترف وتاب ، ومنهم من أنكر وأظهر الإسلام ، فكف عن الفريقين ، وأجرى على جميعهم حكم الإسلام .
فإذا أظهر المشهود عليه الإسلام على ما سنذكره قال الشافعي : لم يكشف عن غيره ، ويحتمل ذلك منه تأويلين :
أحدهما : لم يكشف عما شهد به الشهود من ردته .
والثاني : لم يكشف عن باطن معتقده ، لأن ضمائر القلوب لا يؤاخذ بها إلا علام الغيوب .
روي أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – ارتاب برجل في الردة ، فأظهر الإسلام .
فقال له عمر : أظنك متعوذ به .
فقال : يا أمير المؤمنين أما لي في الإسلام معاذ ؟
فقال له عمر : بلى إن لك في الإسلام لمعاذ .