پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص177

اختلافهم هل تجري عليه أحكام الصاحي فيما له كما تجري عليه أحكام الصاحي فيما عليه ؟

أحد الوجهين : وهو قول أبي إسحاق المروزي والظاهر من مذهب الشافعي – أن تأخيرها استحباب ، فإن استتابه في حال سكره صحت توبته ، وإن قتله قاتل أقيد به ، وإن مات كان ماله لورثته .

والوجه الثاني : أن تأخيرها إلى صحوه واجب ، لأنه ربما اعترضه في الردة شبهة يستوضحها بعد إفاقته ، فإن استتابه في سكره لم تصح توبته ، وكان على أحكام الردة في سقوط القود عن قاتله وانتقال ماله إلى بيت المال فيئاً دون ورثته .

فأما المزني فإنه جعل تأخير توبته دليلاً على إبطال طلاقه ، وغفل أن يجعل ثبوت ردته دليلا على صحة طلاقه .

( فصل )

وإذا ارتد عاقل ثم جن لم يستتب في جنونه ، لأن المجنون لا يصح منه إسلام ولا ردة ، ولم يقتل حتى يفيق من جنونه .

ولو جن بعد وجوب القصاص عليه : قتل قبل إفاقته .

والفرق بينهما حيث منع الجنون من قتل الردة ولم يمنع من قتل القود : أن له إسقاط قتل الردة عن نفس بتوبته بعد إفاقته فأخر إليها ، وليس له إسقاط قتل القود عن نفسه بحال فلم يؤخر إلى إفاقته .

( مسألة )

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ولو شهد عليه شاهدان بالردة فأنكره قيل إن أقررت بأن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتبرأ من كل دين خالف دين الإسلام يكشف عن غيره ) .

قال الماوردي : إذا شهد شاهدان على رجل بالردة لم تسمع شهادتهما عليه مطلقة ، حتى يصفا ما سمعاه من قوله الذي يصير به مرتداً ، وسواء كانا من أهل العلم أو لم يكونا من أهله ، لاختلاف الناس فيه ، كما لا تسمع شهادتهما بالجرح حتى يصفا ما يكون به مجروحاً .

فإذا ثبتت الشهادة سألناه عنها ولم يعرض لقتله قبل سؤاله ، لجواز أن يكون قد تاب منها أو سيتوب .

فلو قتله قاتل قبل سؤاله عزر ولا قود عليه ولا دية ، لثبوت ردته إلا أن يقيم وليه البينة أنه تاب من ردته فيحكم بإسلامه ، ويسأل القاتل ، فإن علم بإسلامه ، وجب عليه القود .