الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص176
وجعلوا ما تلفظ به في السكر افتراء يتعلق به حد وتعزير ، وذلك من أحكام التكليف .
ولو كان غير مكلف لكان كلامه لغواً وافتراؤه مطرحاً ، وإذا صح تكليفه صح إسلامه وردته .
ولأن من صح عتقه وطلاقه صحت ردته وإسلامه كالصاحي .
ولأن الردة والإسلام لفظ يتعلق به الفرقة فوجب أن يصح من السكران كالطلاق .
فأما الجواب عن استدلاله بأنه لا اعتقاد له : فهو أنه يجري في أحكام التكليف مجرى من له اعتقاد وتمييز ، ولذلك وقع طلاقه وظهاره ، ولو عدم التمييز ما وقعا كالمجنون . وهو الجواب عن القياس .
وذهب أبو علي بن أبي هريرة إلى أنه تجري عليه أحكام الصاحي فيما عليه من الحقوق تغليظاً ، ولا تجري عليه أحكام الصاحي فيما له من الحقوق ، لأنه يصير تخفيفاً ، والسكران مغلظ عليه غير مخفف عنه .
فعلى هذا تصح منه الردة لأنها تغليظ ، فأما الإسلام فإن كان بعد ردة لم يصح منه ، لأنه تخفيف ، وإن كان عن كفر يقر عليه كالذمي يصح منه ، لأنه تغليظ – وهذا خطأ .
لأن السكر إن سلبه حكم التمييز وجب أن يعم كالجنون ، وإن لم يسلبه حكم التمييز وجب أن يعم كالصاحي .
ولا يصح أن يكون مميزاً في بعض الأحكام وغير مميز في بعضها لتناقضه في المعقول ، وفساده على الأصول .
فأما استتابته من ردته فقد أمر الشافعي بتأخيرها إلى حال صحوه ، فاختلف أصحابنا في تأخيرها هل هو على الإيجاب أو الاستحباب ؟ على وجهين بناء على