الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص175
وإن استرق مالك المال : فالاستراقاق يزيل الملك كالموت ، ففي المال قولان :
أحدهما : يغنم فيئاً لبيت المال .
والقول الثاني : يكون موقوفاً لا ينتقل إلى وارثه ، لأنه حي ، ولا إلى مسترقه لأنه مال له أمان ، وروعيت حاله بعد الاسترقاق .
فإن عتق : دفع المال إليه بقديم ملكه .
وإن مات عبداً : ففي ماله قولان – حكاهما ابن أبي هريرة –
أحدهما : يكون مغنوماً لبيت المال فيئاً ، ولا يكون موروثاً ، لأن العبد لا يورث .
والقول الثاني : يكون لورثته ، لأنه ملكه في حريته فانتقل إلى ورثته بحكم الحرية حتى جرى على بقاء ملكه حكم الحرية . والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا كما قال : تصح ردة السكران وإسلامه كما يصح عنقه وطلاقه .
وقال أبو حنيفة : لا تصح ردته ولا إسلامه ، وإن صح عتقه وطلاقه .
احتجاجاً : بأن الإسلام والكفر يتعلقان بالاعتقاد المختص بالقلب ، لقول الله تعالى : ( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) [ النحل : 106 ] .
وليس يصح من السكران اعتقاد يتعلق به كفر وإيمان ، فاقتضى أن يكون باطلاً .
قال : ولأنه لا عقل له ، فوجب أن لا تصح ردته ولا إسلامه كالمجنون .
ودليلنا : ما انعقد عليه إجماع الصحابة – رضي الله عنهم – من تكليف السكران بما روي أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – شاور الصحابة في حد الخمر ، وقال : أرى الناس قد تهافتوا واستهانوا بحده فماذا ترون ؟
فقال علي بن أبي طالب – عليه السلام – : ارى أن يحد ثمانين ، لأنه إذا شرب سكر ، وإذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ، فيحد حد المفتري .
فوافقه عمر والصحابة – رضي الله عنهم – على هذا ، وحدوه حد المفتري ثمانين .