الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص171
وحكى ابن سريج قولا آخر : أنهم يقرون على كفرهم كغيرهم من الكفار المقرين على الكفر ، لأنهم لم يعترفوا بالإسلام .
وهذا القول سهو من ابن سريج في تخريجه ، إلا أن يكون مذهبا لنفسه فيفسد بما ذكرناه .
وقال أبو حنيفة : يصح إسلام الصبي وردته ولا يقتل بها .
احتجاجا : بما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أن ينصرانه أو يمجسانه حتى يعرب عن لسانه ، فإما شاكراً وإما كفوراً ) .
فاقتضى أن يكون ما أعرب لسانه عنه من الإسلام أو الردة صحيحاً ، ولأنه ممن يصح منه فعل العبادة ، فصح منه الإسلام والردة كالبالغ .
ودليلنا : قول النبي ( ص ) ‘ رفع القلم عن ثلاث : عن الصبي حتى يحتلم . . . ) .
ورفعه عنه يمنع من أن يجرى على اعتقاده حكم .
ولأنه غير مكلف ، فلم يصح منه الإعتقاد لإسلام ولا ردة كالمجنون ، ولأن ما لا يستحق به قتل الردة لم يثبت به حكم الردة كسائر الأقوال والأفعال التي لا تكون ردة .
فأما الجواب عن الخبر : فهو أن إعراب لسانه عنه يكون ببلوغه إن صحت هذه الزيادة .
وأما قياسه على البالغ : فلا يصح لوقوع الفرق بينهما في القتل بالردة ، فوقع الفرق بينهما في أصل الردة ، كما يقع الفرق بينهما في العقود والأحكام .
قال الماوردي : قد مضى الكلام في أولاد المرتدين قبل الردة .
فأما أولادهم بعد الردة : وهم المولودون لهم بعد ستة أشهر فصاعداً من ردتهم .
فإن كان أحد أبويهم مسلماً : فهم مسلمون لا تجري عليهم أحكام الردة ، وكانوا كالمولودين قبل الإسلام على ما قدمناه .