پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص169

وبناه أبو حنيفة على أصله في أن المرتدة لا تقتل كالحربية فجاز استرقاقها لاستوائهما في حظر القتل عنده وهذا قد تقدم الكلام معه فيه .

ثم من الدليل عليه : أن كل دين منع من استرقاق الرجل منع من استرقاق المرأة كالإسلام طرداً والكفر الأصلي عكساً .

فأما ما حكاه من استرقاق علي أم ولده محمد ابن الحنفية ففيه ثلاثة أجوبة :

أحدها : – وهو قول أبي علي بن أبي هريرة – أنه كان مذهبا له ، وقد خالفه فيه غيره ، فصار خلافاً لا يقع الاحتجاج به .

والثاني : وهو قول الواقدي – أنها كانت أمة سوداء سندية لبني حنيفة ، وكان خالد بن الوليد قد صالحهم على إمائهم .

والثالث : وهو الأظهر – أنها كانت حرة تزوجها علي – عليه السلام – برضاها ، فأولدها بالزوجية دون ملك اليمين ، وهو الأشبه بأفعاله – رضوان الله عليه وسلامه – .

( فصل )

فأما ذرية المرتد : وهم صغار أولاده من ذكور وإناث ، فهم على حكم الإسلام الجاري عليهم بإسلام آبائهم ، ولا يزول عنهم بردة آبائهم ، لأن ردة أبائهم جناية منهم فاختصوا بها دونهم ، لأنه لا يؤاخذ أحد بمعصية غيره .

فإن قيل : فإذا تعدى إليهم إسلام آبائهم فصاروا مسلمين بإسلامهم فهلا تعدى إليهم ردة آبائهم فصاروا مرتدين بردتهم ؟

قيل : لأن النبي ( ص ) قال : ‘ الإسلام يعلو ولا يعلى ) فجاز أن يرفع الإسلام من حكم الكفر ، ولم يجز أن يرفع الكفر من حكم الإسلام ، ولذلك إذا كان أحد الأبوين مسلما والآخر كافراً كان الولد مسلماً ولم يكن كافراً ، تغليباً للإسلام على الكفر .

فإذا ثبت إسلام أولادهم فلا يجوز سبيهم ولا استرقاقهم ، وتجب نفقاتهم في أموال آبائهم المرتدين ، لأن النفقة لا تختلف بالإسلام والكفر .

فإن ماتوا : غسلوا وصلي عليهم ودفنوا في مقابر المسلمين .

( فصل )

وإذا لحق المرتد بدار الحرب كانت أحكام الحياة جارية عليه ما لم يمت رجلاً كان أو امرأة .

وقال أبو حنيفة : تجري على المرأة أحكام الحياة ، وعلى الرجل أحكام الموت ، فيقسم ماله بين ورثته ، ويعتق عليه مدبروه وأمهات أولاده ، وتحل عليه ديونه المؤجلة ، فإن رجع إلى الإسلام رجع بما بقي في أيدي ورثته من تركته الباقية ولم