الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص161
الإسلام عاد المال إلى ملكه كالخل إذا انقلبت بنفسها خمراً زال عن ملك صاحبه ، فإن صار الخمر خلاً عاد إلى ملكه .
وخرج قائل هذا الوجه في ماله ثلاثة أقاويل – :
أحدها : أن ماله باق على ملكه حتى يقتل أو يموت – وهو الأصح – وبه قال أبو حنيفة .
والثاني : أن ماله قد زال عن ملكه قتل أو لم يقتل ، فإن عاد إلى الإسلام عاد إلى ملكه بإسلامه وبه قال مالك بن أنس .
والثالث : أن ماله موقوف مراعى ، فإن عاد إلى الإسلام فماله لم يزل باقياً على ملكه ، وإن قتل أو مات علم أن ماله زال عن ملكه بنفس الردة .
وعلى هذه الأقاويل يكون حكم ما استفاد ملكه في ردته بهبة أو صدقة أو وصية أو اصطياد أو احتشاش .
فإن قيل بالأول : إن ملكه المتقدم باق على ملكه ، ملك ما استفاده في ردته ، وصار مضافاً إلى قديم ملكه .
وإن قيل بالثاني : إن ماله خرج بالردة عن ملكه ، لم يملك ما استفاده في ردته ، لأنه لما لم يملك ما استقر عليه ملكه ، فأولى أن لا يملك ما لم يستقر له عليه ملك .
وإن قيل بالثالث : إنه موقوف مراعى ، كان ما استفاده في الردة موقوفاً مراعى :
فإن عاد إلى الإسلام ملكه مع قديم ملكه .
وإن قتل بالردة لم يملكه .
فإن كان عن هبة أو وصية : بطلت ، وعاد إلى الواهب والموصي .
وإن كان اصطياداً أو احتشاشاً : كان على أصل الإباحة .
فظهور الردة منه موجبة لوقوع الحجر عليه لعلتين :
أحدهما : أن تظاهره بها مع ما يفضي إليه من إباحة دمه دليل على سفه رأيه وضعف تمييزه .
والثاني : أن انتقال ماله عنه إلى من باينه في الدين يوجب حفظه عليه ، لتوجه التهمة إليه ، حتى لا يسرع إلى استهلاكه عليهم .