الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص159
وإن امتنعوا فاقتلهم ، فأجاب بعضهم فخلا سبيله وامتنع بعضهم فقتله .
ولأن الأغلب من حدوث الردة أنه لاعتراض شبهة ، فلم يجز الإقدام على القتل قبل كشفها والاستتابة منها كأهل الحرب ، لا يجوز قتلهم إلا بعد بلوغ الدعوة ، وإظهار المعجزة .
فأما الخبر فلا يمنع من الاستتابة .
وأما الزنا فالتوبة لا تزيله ، وهي تزيل الردة ، فلذلك استتيب من الردة ولم يستتب من الزنا .
أحدهما : وهو قول أبي حنيفة واختيار أبي علي بن أبي هريرة .
أنها مستحبة وليست بواجبة ، لأن وجوب الاستتابة يوجب حظر دمه قبلها ، وهو غير مضمون الدم لو قتل قبلها ، فدل على استحبابها .
والقول الثاني : وهو أصح أن الاستتابة واجبة لما قدمناه ، من الخبر والأثر ، ولأن الاستتابة في حق المرتد في حكم إبلاغ الدعوة لأهل الحرب ، وإبلاغ الدعوة واجبة ، فكذلك الاستتابة .
ولأن المقصود بقتل المرتد إقلاعه عن ردته ، والاستتابة أخص بالإقلاع عنها من القتل ، فاقتضى أن تكون أوجب منه .
أحدهما : – وهو اختيار المزني – أنه يعجل قتله ولا يؤجل .
وبه قال أبو حنيفة ، إلا أن يسأل الإنظار فيؤجل ثلاثاً لقول النبي ( ص ) : ‘ من بدل دينه فاقتلوه ) . ولأنه حد فلم يؤجل فيه كسائر الحدود .
والقول الثاني : يؤجل ثلاثة أيام ، وبه قال أحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه .
وقال سفيان الثوري : ينظر ما كان يرجو التوبة .
ودليل تأجيله ثلاثاً : قول عمر – رضي الله عنه – حين أخبر بقتل المرتد : هلا حبستموه ثلاثاً ، اللهم لم أحضر ولم أمر . . الخبر .
ولأن الله قضى بعذاب قوم ثم أنظرهم ثلاثاً فقال : ( تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب ) [ هود : 65 ] .