الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص157
فكانت أوكد من العلة المستنبطة ، وهكذا نستنبط من هذا النص علة أخرى ، فنقول : كل من قتل بزنا بعد إحصان قتل بكفر بعد إيمان كالرجل ، ومنه علة ثالثة : أن كل من قتل بالنفس قوداً قتل بالردة حداً كالرجل ، فيكون تعليل النص في الثلاثة مستمراً .
ولأنه حد يستباح به قتل الرجل فجاز أن يستباح به قتل المرأة كالزنا .
فأما الجواب عن نهيه عن قتل النساء والوالدان .
فهو أن خروجه على سبب ، روي أن النبي ( ص ) مر بامرأة مقتولة في بعض غزواته ، فقال : ‘ لم قتلت وهي لا تقاتل ) ونهى عن قتل النساء والولدان .
فعلم أنه أراد به الحربيات .
فإن قيل : النهي عام فلم اقتصر به على سببه .
قيل : لما عارضه قوله : ‘ من بدل دينه فاقتلوه ) ولم يكن بد من تخصيص أحدهما بالآخر ، وجب تخصيص الوارد على سببه ، وحمل الآخر على عمومه ، لأن السبب من إمارات التخصيص . وأما الجواب عن حديث ابن عباس :
فهو أن رواية عبد الله بن عيسى عن عفان عن شعبة عن عاصم بن أبي النجود .
قال الدارقطني : وعبد الله بن عيسى هذا كذاب يضع الأحاديث على الثقات .
وقد رواه سفيان ، عن أبي حنيفة ، عن عاصم موقوفاً على ابن عباس .
وأنكره أبو بكر بن عياش على أبي حنيفة فسكت وتغير .
وأنكره سفيان بن عيينة وأحمد بن حنبل .
وما كان بهذا الضعف لم يجز أن يجعل في الدين أصلا .
وأما الجواب عن قياسهم على الصبي :
فهو انتفاضه بالشيخ الهرم والأعمى والزمن فإنهم يقتلون بالردة ، ولا يقتلون بالكفر الأصلي ، والأصل غير مسلم ، لأن الصبي لا تصح منه الردة .
وأما الجواب عن قياسهم على الكافرة الحربية :
فمنكسر بالأعمى والزمن لا يقتلون بالكفر الأصلي ويقتلون بالردة ، ثم المعنى في الحربية أنها مال مغنوم وليست المرتدة مالا .
وأما الجواب عن استدلالهم بحقن دمها قبل الإسلام فكذلك بالردة بعد الإسلام .