پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص147

قلت أرأيت لو أن جماعة من أهل القبلة محاربين امتنعوا في مدينة حتى لا يجري عليهم حكم فقطعوا الطريق وسفكوا الدماء وأخذوا الأموال وآتوا الحدود ؟ قال يقام هذا كله عليهم قلت فهذا ترك معناك وقلت له أيكون على المدنيين قولهم لا يرث قاتل عمد ويرث قاتل خطأ إلا من الدية ؟ فقلت لا يرث القاتل في الوجهين لأنه يلزمه اسم قاتل فكيف لم تقل بهذا في القاتل من أهل البغي والعدل لأن كلا يلزمه اسم قاتل وأنت تسوي بينهما فلا تقيد أحداً بصاحبه ؟ ) .

قال الماوردي : وهذا أراد به أبا حنيفة ، فإنه قال : إذا فعل أهل البغي في دارهم ما يوجب حدوداً أو حقوقاً ، ثم ظهر الإمام عليهم ، لم تقم عليهم الحدود ولم تستوف منهم الحقوق ، وكذلك يقول في أهل العدل إذا فعلوا ذلك في دار أهل البغي لم يؤاخذوا بما استهلكوه من حقوق وارتكبوه من حدود .

وبناه على أصله ، أن المسلمين إذا فعلوه في دار الحرب كان هدراً ، فجمع بين الدارين لخروجها عن يد الإمام وتدبيره .

ومذهب الشافعي : أن دار الحرب يسقط جريان حكم الإسلام فيها على أهلها ، فلا يقام عليهم بعد القدرة حد ، ولا يستو منهم حق ، ولا يسقط جريان حكم الإسلام على من دخلها من المسلمين في استيفاء الحقوق منهم وإقامة الحدود عليهم .

ودار البغي لا تمنع من جريان حكم الإسلام فيها على أهلها وغير أهلها لقول النبي ( ص ) : ‘ منعت دار الإسلام ما فيها وأباحت دار الشرك ما فيها ) .

ففرق بين دار الإسلام وبين الشرك في الحظر ، فلم يجز الجمع بينهما في الإباحة .

ولأن حكم الإسلام جار على أهله أين كانوا ، كما أن حكم الشرك جار على أهله حيث وجدوا .

ولأنه لو جاز أن تغير الدار أحكام المسلمين في الحقوق والحدود لتغيرت في العبادات من الصلاة والصيام ، فيلتزمونها في دار الإسلام ولا يلتزمونها في دار الحرب .

فلما بطل هذا ، واستوى إلزامهم لها في دار الإسلام ودار الحرب وجب أن يستويا في الحدود والحقوق .