الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص144
يملك عليهم ، ولا أن يستعان بها في قتالهم ، وتحبس عنهم مدة الحرب كما تحبس فيها أسراهم ، فإذا انقضت الحرب رد عليهم .
وقال أبو حنيفة : يجوز أن يستعان على حربهم بدوابهم وسلاحهم . لقول الله تعالى : ( فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ) [ الحجرات : 9 ] .
فكان الأمر بقتالهم على عمومه ، المشتمل على دوابهم وسلاحهم ، ولأن كل طائفة جاز قتالها بغير سلامها ودوابها جاز قتالها بسلاحها ودوابها كأهل الحرب .
ولأنه لما جاز حبسه عنهم إضعافاً لهم جاز قتالهم به ، معونة عليهم ، لأن كلا الأمرين كاف لهم .
ودليلنا : قول النبي ( ص ) : لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه . فكان على عمومه .
ولأن كل من لا يجوز أن ينتفع من ماله بغير الكراع والسلاح لم يجز أن ينتفع من ماله بالكراع والسلاح كأهل العدل .
ولأن كل ما لم يجز أن ينتفع به من مال أهل العدل لم يجز أن ينتفع به من مال أهل البغي كسائر الأموال .
ولأن أهل البغي يملكون رقابها ومنافعها ، فلما لم تستبح بالبغي أن تملك عليهم رقابها لم يستبح أن تملك به منافعها .
فأما الآية : فلا دليل فيها ، لأنها تضمنت الأمر بالقتال ، ولم تتضمن صفة القتال .
وأما قياسهم على أهل الحرب : فلأنه لما جاز أن يتملك عليهم رقابها ، جاز أن يتملك عليهم منافعها ، وأهل البغي بخلافهم .
وأما الجواب عن حبسها : فليس جواز حبسها مبيحاً للانتفاع بها ، كما جاز حبس أهل البغي ، وإن لم يجز استخدامهم والانتفاع بهم .
فإن تلفت في أيدي أهل العدل بعد استعمالها ضمنوا رقابها ، وإن تلفت من غير استعمال لم يضمنوها ، لأهم حبسوها عنهم بحق .
ولو حبسوها بعد انقضاء الحرب مع إمكان ردها عليهم : ضمنوها ، لتلفها بعد وجوب ردها .