پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص141

أحدهما : يجب عليه أن يقاتل عنها ويدفع لقوله تعالى : ( ولا تقتلوا أنفسكم ) [ النساء : 29 ] .

وقوله : ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) [ البقرة : 195 ] . كما يجب على المضطر من الجوع إحياء نفسه بأكل ما وجده من الطعام .

والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي – لا يجب عليه القتال والدفع ، ويكون مخيراً بينه وبين الاستسلام ، طلبا لثواب الشهادة . لقوله تعالى : ( لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط إليك يدي لاقتلك ) [ المائدة : 28 ] .

ولأن عثمان بن عفان – رضي الله عنه – حين أريدت نفسه منع عنه عبيده ، فكفهم وقال لهم : من أغمد سيفه فهو حر .

وأتى رجل إلى رسول الله ( ص ) فقال : يا رسول الله أرأيت لو أن رجلاً انغمس في العدو حتى قتل صابراً محتسباً أيحجزه عن الجنة شيء فقال : لا ، إلا الدين ، فانغمس في العدو حتى قتل ، ورسول الله يراه ولا يمنعه .

فأما المضطر جوعاً إذا وجد طعاماً وهو يخاف التلف .

فإن كان مالكاً للطعام أو لم يكن مالكاً له ، وكان قادراً على ثمنه فواجب عليه إحياء نفسه بأكله وجهاً واحداً ، بخلاف من أريد دمه في أحد الوجهين . لأن في القتل شهادة يرجو بها الثواب ، وليس في ترك الأكل شهادة يثاب عليها .

وإن كان الطعام لغيره وهو غير قادر على ثمنه ففي وجوب إحياء نفسه بأكله وجهان . وهكذا لو وجد ميتة كان في وجوب أكلها وجهان :

أحدهما : يجب تغليباً لإحياء النفس .

والثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي – يكون مخيراً فيه ولا يجب عليه ، لتنزيه نفسه عن نجاسة الميتة وإبراء ذمته من التزام ذنب لا يعذر عليه .

( مسألة )

قال الشافعي رحمه الله : ‘ فالحديث عن النبي ( ص ) يدل على جواز أمان كل مسلم من حر وامرأة وعبد قاتل أو لم يقاتل لأهل بغي أو حرب ) .

قال الماوردي : وهذا كما قال .

وأصل هذا : ما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ المسلمون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم ) .