الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص136
فأما ما حكاه المزني من قوله في موضع آخر : إن كان غير مأمون فليس بقول مختلف وإنما وهم به المزني .
قال الماوردي : وهذا صحيح .
شهادة أهل البغي إذا كانوا عدولاً مقبولة ، ولا يكونوا بما تأولوه من البغي فساقاً ، لحدوثه منهم عن تأويل سائغ .
وقال أبو حنيفة : هم فساق ، لكن تقبل شهادتهم ، لأنه فسق من تدين واعتقاد ، ولذلك قبلت شهادة أهل الذمة إذا كانوا عدولاً في دينهم .
وقال مالك : هم فساق لا تقبل شهادتهم .
والدليل عليهما في صحة العدالة منهم وأن لا يصيروا بالتأويل المسوغ فساقاً أن الانفصال من مذهب إلى غيره إذا كان له في الاجتهاد مساغ لا يقتضي التفسيق ، كالمنتقل في فروع الدين من مذهب الشافعي إلى مذهب مالك أو أبي حنيفة لا يفسق بالانتقال ، لأنه عدل إلى مذهب بتأويل سائغ .
أحدهما : أن يرى من خالفه مباح الدم والمال ، فيكون بهذه الاستباحة فاسقاً .
والحالة الثانية أن يعتقد رأي الخطابية ، وهم قوم يرون الشهادة لموافقهم على مخالفهم فيما ادعاه عليه ، فيصدقه ، ثم يشهد له بذلك عند الحاكم .
وبنوه على أصولهم في أن الكذب في القول والإيمان بالله موجب للكفر وإحباط الطاعات .
فشهادة هؤلاء مردودة ، وفي علة ردها وجهان :
أحدهما : الفسق ، لأنه اعتقاد يرده الإجماع .
والثاني : التهمة مع ثبوت العدالة ، لأنه متهم في مماثلة موافقة ، فصار كشهادة الأب لابنه وإن كان على عدالة .
فعلى هذا : ترد شهادته إذا شهد بالحق مطلقاً ، وإن شهد على إقرار من عليه الحق ، ففي رد شهادته وجهان :