الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص135
وإن كان لا يرى استباحة ذلك : جاز تقليده القضاء إذا كان من أهل الاجتهاد سواء كان عادلاً أو باغياً .
وقال أبو حنيفة : لا تنعقد ولايته إذا كان من أهل البغي ، ولا تنفذ أحكامه .
وهذا فاسد من وجهين :
أحدهما : أنه متأول بشبهة خرج بها من الفسق .
والثاني : أنه لما صح من الباغي أو يقلد القضاء ، صح منه أن ينفذ القضاء ، وصار في الحكم كالعادل ، كما كان في التقليد كالعادل .
فإذا حكم نفذت أحكامه على أهل البغي وأهل العدل ، ولم يرد منها إلا ما يرد من أحكام قضاة أهل العدل إن خالف نصاً من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس غير محتمل .
فعلى هذا : لو حكم بوجوب الضمان على أهل البغي فيما أتلفوه على أهل العدل نفذ حكمه ، لأنه متفق عليه .
ولو حكم بسقوط الضمان عنهم فيما أتلفوه على أهل العدل ، نظر : فإن كان فيما أتلفوه قبل الحرب أو بعدها : لم ينفذ حكمه ، لأنه مخالف للإجماع .
وإن كان فيما أتلفوه في حال القتل نفذ حكمه لاحتماله في الاجتهاد ، وسقط عنهم الضمان .
وقال أبو حنيفة : لا يجوز أن يقبله ولا ينفذ حكمه به بناء على أصله في بطلان ولايته ورد أحكامه .
وهكذا يجوز لقاضي أهل العدل أن يكتب إلى قاضي أهل البغي كتاباً بحكم وإن كره له ذلك .
ولعل أبا حنيفة يمنع منه .
فقد روي أن محمد بن أبي بكر سأل علياً – رضوان الله عليه – أن يكتب له كتاباً يعمل عليه في أحكامه ، فكتب إليه بذلك كتاباً وأخذه معاوية في الطريق ، وكان يعمل به في الأحكام ، فبلغ ذلك علياً ، فقال : غلطت غلطة لا أعذر أكيس بعدها واستمر .