پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص133

( فصل )

فإذا تقرر ما ذكرنا من اختلافهما في صفة الحرب وحكمها ، وأنه لا يجوز أن يرموا بالمنجنيق ، فذلك في حال الاختيار .

فإن دعت ضرورة في إحدى حالتين جاز أن يرموا به ، وتلقى عليهم النار :

إحداهما : أن يقاتلوا أهل العدل بذلك ، فيجوز أن يقاتلوا عليه بمثله ، قصداً لكفهم عنه لا لمقاتلتهم عليه ، فإن الظلم لا يبيح الظلم ، لكن يستدفع الظلم بما أمكن .

والحالة الثانية : أن يحيطوا بأهل العدل ويخافوا اصطلامهم ، فلا باس أن يرموهم بالمنجنيق ويلقوا عليهم النار طلباً للخلاص منهم لا قصدا لاصطلامهم .

( مسألة )

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وإن غلبوا على بلاد فأخذوا صدقات أهلها وأقاموا عليهم الحدود لم تعد عليهم ) .

قال الماوردي : وهذا صحيح إذا تغلب أهل البغي على بلد فأخذوا صدقاتها وجبوا خراجها وأقاموا الحدود على أهلها ، أمضى الإمام ما فعلوه إذا ظهر على بلادهم ولم يطالب بما جبوه من الحقوق ولم يعد ما أقاموه من الحدود . لأن علياً – رضوان الله عليه – أمضى ذلك ولم يطالب به .

ولأنهم متأولون في جبايته وإقامته .

ولأنه لا يلزم أن يؤدي زكاة عام مرتين ، ولا يقام على زان حدين .

فإن ادعى أصحاب الحدود إقامتها عليهم : قبل قولهم فيها ، ولم يحلفوا عليها ، لأنها حدود تدرأ بالشبهات .

فإن ادعى من عليه الحقوق دفعها إليهم .

فإن كانت زكاة : قبل قولهم في دفعها ولم يكلفوا البينة عليها لأنهم فيها أمناء .

فإن اتهموا : أحلفوا ، وفي يمينهم بعد اعترافهم بوجوبها وجهان :

أحدهما : أنها مستحبة ، إن نكلوا عنها لم تؤخذ منهم .

والثاني : أنها واجبة ، إن نكلوا عنها أخذت منهم بالاعتراف المتقدم دون النكول .

وإن كان الحق الذي ادعوا أداءه جزية أو خراجاً :

فإن كان على كافر : كلف البينة ولم تقبل دعواه ، لأن الجزية أجرة ، والخراج إما