الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص131
قال الماوردي : إذا افترق أهل البغي طائفتين وقاتلت إحدى الطائفتين الأخرى .
فإن قوي الإمام على قتالهما لم يكن له معونة إحدى الطائفتين على الأخرى لأمرين :
أحدهما : أن كلا الطائفتين على خطأ ، والمعونة على الخطأ من غير ضرورة خطأ .
والثاني : أن معونة إحداهما أمان لها ، وعقد الأمان لها غير جائز .
وإن ضعف عن قتالهما قاتل إحدى الطائفتين مع الأخرى ، ويعتقد أنه مستعين بهم ، ولا يعتقد أنه معين لهم ، وليضم إليه أقربهما إلى معتقده ، وأرغبهما في طاعته .
فإن استويا ضم إليه أقلهما جمعاً ، فإن استويا ضم إليه أقربهما داراً ، فإن استويا اجتهد رأيه في إحداهما .
فإن أطاعته الطائفة التي قاتلها أو انهزمت عنه ، عدل إلى الأخرى ، ولم يبدأ بقتالها إلا بعد استدعائها ثانية إلى طاعته ، لأن انضمامها إليه كالأمان الذي يقطع حكم ما تقدمه من الاستدعاء والحياة .
قال الماوردي : أعلم أن المقصود بقتال أهل البغي كفهم عن البغي ، والمقصود بقتال أهل الحرب قتلهم على الشرك ، فاختلف قتالهما لاختلاف مقصودهما من وجهين :
أحدهما : في صفة الحرب .
والثاني : في حكمها .
فأما اختلافهما في صفة الحرب ، فمن تسعة أوجه :
أحدها : أنه يجوز أن يكبس أهل الحرب في دارهم غرة وبياتاً ، ولا يجوز أن يفعل ذلك بأهل البغي .