الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص129
والثاني : لا يحل قتله بسبب متقدم إلا بإحدى ثلاث ، وهذا لا يقتل بسبب متقدم ، وإنما يقتل بسبب حادث في الحال .
قال الماوردي : أما الاستعانة بأهل العهد والذمة في قتال أهل البغي فلا يجوز بحال ، لقوله تعالى : ( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً ) [ النساء : 141 ] ولقول النبي ( ص ) : ‘ الإسلام يعلو ولا يعلى ) .
ولأنهم غير ما مؤمنين على نفوسهم وحريمهم لما يعتقدونه ديناً من إباحة دمائهم وأموالهم التي أوجب الله تعالى حظرها وأمر بالمنع منها .
فأما الاستعانة عليهم بمن يرى قتالهم من المسلمين مقبلين ومدبرين فقد منع الشافعي منه لما يلزم من الكف عنهم إذا انهزموا .
فإن قيل : فهلا جاز أن يستعين عليهم بمن يخالف رأيه فيه ، ويعمل على اجتهاد نفسه ، كما يجوز للحاكم أن يستخلف من يحكم باجتهاد نفسه ، وإن خالف اجتهاد مستخلفه ، فيجوز للشافعي أن يستخلف حنفياً ، وللحنفي أن يستخلف شافعياً .
قيل : الفرق بينهما : أن قتال أهل البغي مدبرين باجتهاد الإمام والمعين فيه مأمور ممنوع من الاجتهاد ، والمستخلف على الحكم مفوض إليه النظر ، فساغ له الاجتهاد .
فإذا ثبت أنه ممنوع من الاستعانة فقد اختلف أصحابنا فيه على وجهين :
أحدهما : أنه منع تحريم وحظر .
والثاني : أنه منع ندب واستحباب .
فإن دعته الضرورة إلى الاستعانة بهم لعجز أهل العدل عن مقاومتهم جاز أن يستعين بهم على ثلاثة شروط :
أحدها : أن لا يجد عوناً غيرهم ، فإن وجد لم يجز .
والثاني : أن يقدر على ردهم إن خالفوا ، فإن لم يقدر على ردهم لم يجز .